وهذا لم يفعله مسلم، بل اكتفى بنقل الإجماع، ثم استشهد ببعض الأحاديث التي زعم قبولَ أهل العلم لها مع عدم تحقق ذلك الشرط فيها، وأنه يلزم على قول المخالف ردها.
وتلك الأحاديث قد قام المعلمي نفسُه فيما بعدُ بالجواب عنها بما يُسقط الاستدلال بها.
ثم عاد المعلمي فتنزل، فقال:"على أننا لو تنازلنا عن دعوى الإجماع، بقيت الأغلبية، وهي كافية فى إثبات المطلوب" يعني بذلك مَنْ سِوى ابن المديني والبخاري.
ثم عاد فذكر أنه لم يُعَوِّلْ على هذا الإجماع، فقال:"فالمختار ما قاله مسلم: أن ثبوت اللقاء ليس بشرط الصحة، ولم نختره لما ذكره من الإجماع والإلزام، بل لما قدمنا أن الدلالة حينئذ ظاهرة، مُحَصِّلة للظن، مستكملة لنصاب الحجية".
فعاد إلى الاعتماد على ذلك الأصل، مع أنه قد كان قوَّى ذلك الأصل بهذا الإجماع، فى قضايا أُخَر سبق تقريرها وتدعيمها به، مع جوابه عن حُججٍ للمخالف اعتمادا عليه كذلك.
٣ - ابتنى هذا الأصل أيضا ودعَّمه بـ "قلة الإرسال الخفي" في السلف حسبما ادعاه بالاستقراء، أما "الإرسال الجلي" فلا نزل فيه، لأن المرسِل يتكل على وضوح القرينة الصارفة عن الأصل. وأكد هذا أيضا بنقل مسلم ذلك الإجماع الذى يدل على عدم شيوع هذا النوع من الإرسال.
ثانيًا: لم يعتن المعلمي في بحثه بالجانب العملي فيه، وهو النظر فى تصرفات الأئمة حيال هذه القضية، وأرى أن مِما أوقع المعلمي فى ذلك: فقدُه لكثير من المصادر التى يمكن الوقوف من خلالها على حقيقة الأمر، مثل كتب المراسيل؛ ككتاب الرازي، ولا سيما الجامعة منها كـ"جامع التحصيل" للعلائي، وإنما يوجد شيء من ذلك فى بعض تراجم "تهذيب التهذيب" لابن حجر، وهي مواضع متناثرة فى أنحاء الكتاب.