قد سقت ما كتبه الشيخ المعلمي في هذا الموضع، ولي على ما كتبه ملاحظات، أُجملها فيما يلي:
أولًا: اعتمد المعلمي فى بحثه هنا على أمور، أهمها:
١ - أن الأصل فى الرواية أن تكون عما شاهده الراوي أو أدركه، وجعله هو الظاهر الذى يُتمسك به حتى يتبين خلافه.
وفى استدلاله على هذا الأصل، ذكر أمورا عقليةً وحالاتٍ افتراضيةً تقع للناس فى نقلهم عن غيرهم، ولِمُخالفه أن ينقض بعض ما قرره فى ذلك، بالإضافة إلى أن باب "الرواية" يلزم فيه من "الاحتياط" و"التحري" أكثر مما يلزم في غيره.
٢ - نَقْل مسلم إجماع السلف من أئمة الحديث على الاكتفاء بالمعاصرة في تصحيح المعنعن من غير المدلس ما لم يقم دليل على نفي اللقاء.
وقد استصحب المعلمي هذا النقل فى غير موضع من المناظرة التى أجراها، وأكَّد به تقرير الأصل السابق، ودفع به استدلال من ذهب إلى خلاف ذلك الأصل كابن المديني والبخاري ومن تبعهما، وأن مجرد ذهاب هؤلاء إلى ذلك لا يصح نقضا لما نقله مسلم من إجماع السلف، وأن دعوى الإجماع لم تُخدش بما يُعد خادشا.
وكذلك دفع به قولَ بعض المتأخرين: إن اشتراط ثبوت اللقاء هو قول المحققين، وذكروا منهم البخاري وابن المديني، دفع ذلك بقوله: لا يَخفى أن هذا لا ينافي سَبْق الإجماع لهما.
هذا، مع أنه قد قال بعد ذلك:"فلو ناظر مسلمٌ البخاري فقال: أنت وشيخك مسبوقان بالإجماع، لم يُفِدهُ إلا أن يُصرح بالنقل عن بعض السلف من جميع الطبقات فى موافقة قوله".