أن يقوم دليل على خلافه، ومثل العنعنة غيرها من ألفاظ الرواية التي ليست صريحة في السماع، ولا في عدمه.
(٢) هل وافقكم أحد على رأيكم هذا؟
(١) ها هي الأدلة بين أيديكم، تأملوها، فإن رأيتم الدليل موافقًا لنا، فماذا بعد الحق إلا الضلال، وإن رأيتموه علينا، فلن ينفعنا موافقة أحد، على أننا قد قدمنا أن هذا قول الإمام مسلم بن الحجاج، ونقل أنه إجماع السلف من أهل الحديث، ولم تُخدش دعوى الإجماع بما يُعد خادشًا، وقد نقل السخاوي (ص ٦٢) بعد كلام ما عن أبي بكر [سقطت لفظة بكر من الأصل] الصيرفي، ملخصه:
أن التابعي إذا قال: عن رجل من الصحابة، لا تقبل، إذ لا يعلم أعاصره أم لا، فلو أمكن علم أنه عاصره جعل كمدرك العصر ... ثم قال السخاوي:"وتوقف شيخنا في ذلك؛ لأن التابعي إذا كان سالمًا من التدليس، حملت عنعنته على السماع، وهو ظاهر، قال: ولا يقال: إنما يتأتى هذا في حق كبار التابعين الذين جل روايتهم عن الصحابة بلا واسطة، وأما صغار التابعين الذين جل روايتهم عن التابعين فلابد من تحقق إدراكه لذلك الصحابي، والفرض أنه لم يسمه حتى يعلم هل أدركه أم لا؟ لأنا نقول سلامته من التدليس كافية في ذلك؛ إذ مدار هذا على قوة الظن، وهي حاصلة في هذا المقام". اهـ.
أقول: وإذا كان هذا مع احتمال عدم إدراك المعنعِن الصحابي فضلًا عن لقائه، ففي مسئلتنا أولى وأحرى؛ لأنه قد ثبت الإدراك، وربما قامت عدة قرائن تدل على اللقاء كما، والعجب من الحافظ: كيف مشى معهم في ترجيح رد عنعنة من علمت معاصرته دون لقائه، مع أنه قد تقوم القرائن على اللقاء، وتوقف عن ردها بل احتج لقبولها في حق من لم يعلم معاصرته أصلًا. وكان العكس أقرب، كما هو واضح. والله أعلم". اهـ.