للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المثال الثالث:

قال العوني:

تُذكر قصة صحيحة أن مسلما دخل على البخاري، فقال له مسلم: دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله!. ثم ذكر بمحضرهما حديث كفارة المجلس، من رواية موسى بن عقبة، عن سهيل بن أبى صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، فقال مسلم للبخاري: في الدنيا أحسن من هذا؟! تعرف بهذا الإسناد في الدنيا حديثا غير هذا؟! فقال البخاري: لا، إلا أنه معلول. فقال مسلم: لا إله إلا الله! (وارتعد)، أخبرني به؟ فقال: استر ما ستر الله، فألحَّ عليه، وقبَّل رأسه وكاد أن يبكي، فقال: اكتب إن كان ولابد. وأَمْلَى عليه رواية وهيب، عن سهيل بن أبي صالح، عن عون بن عبد الله بن عتبة موقوفا عليه، وقال له: لم يذكر موسى بن عقبة سماعا من سهيل، وحديث وهيب أَوْلَى، فقال مسلم: "لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أن ليس في الدنيا مثلك"!

أقول:

بصرف النظر عن الشك في صحة هذه القصة، وما في سياقها من بعض الغرابة -ولعلنا نتعرض لذلك لاحقا- فإن القَدْر المتعلق بإعلال البخاري لرواية موسى بن عقبة قد أورده البخاري في "تاريخه الكبير" (٤/ ١٠٥) وغيره، والملاحظ أن العلة الأصلية لرواية موسى هي مخالفة وهيب بن خالد، وإجراء بعض قواعد النقد على تلك المخالفة يقضى لرواية وهيب على رواية موسى.

بيان ذلك:

١ - أن وهيبا -بالإضافة إلى تثبته البالغ- هو أعرف بسهيل وحديثه، وقد أكثر عنه، وله في "صحيح" مسلم عنه عدة أحاديث، وسماعُه منه مستفيضٌ، أما موسى بن عقبة فهو من أقران سهيل، ولا تكاد تعرف له عنه رواية إلا في هذا الحديث، وحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>