ورواه ابن الجنيد في "سؤالاته"(٦٠٣) عن ابن معين نفسه، ثم قال:"وأظن يحيى ذكر هذا عن شعبة". ولم يشك الدوري، بل جزم بأنه من نقل ابن معين عن شعبة، فنسبة هذا القول لابن معين -كما فعل العوني- غير دقيقة.
نعم، نَقْلُ ابن معين وسكوتُه يُفيد الموافقة في الجملة، وإلا لبيَّن مخالفته في ذلك، كما هي عادة النقاد، كما فعل أحمد فيما رواه عنه الأثرم أنه لما ذكر قول شعبة: لم يسمع أبو عبد الرحمن السلمي من عثمان ولا من ابن مسعود، لم يُنكر، وقال: دَعْ عبد الله، فإني تركته، أراه وهما. "مراسيل" ابن أبي حاتم (١٠٧ - ١٠٨).
ويؤكد أحمد ذلك الوهم بقوله -كما نقله عنه ابنه في "العلل ومعرفة الرجال"(٤٥٠٦) -: " ... وقرأ أبو عبد الرحمن (يعني السلمي) على عبد الله، وكان قارئا للقرآن ... ".
وقال ابن أبي حاتم عن أبيه في كتاب "الجرح"(٥/ ٣٧): "روى عن عثمان وعلي وابن مسعود، روى عن عمر مرسل"، فلم يجزم هاهنا بالانقطاع إلا بين أبي عبد الرحمن وعمر، وكذا جزم ابن معين بعدم سماعه من عمر.
وقال أبو حاتم في "المراسيل"(١٠٦): "ليس تثبت روايته عن علي، فقيل له: سمع من عثمان بن عفان؟ قال: روى عنه، لا يذكر سماعا". اهـ.
وقد أخرج البخاري لأبي عبد الرحمن السلمي عن علي عدة أحاديث، جاء التصريح بسماعه منه في واحد منها (٣٠٨١)(٦٩٣٩).
ومسلم لم يخرج لأبي عبد الرحمن عن عثمان شيئا، إنما خرج له عن علي في عدة مواضع.
والمقصود هنا ما يلي:
١ - لم يعتمد البخاري في تصحيح حديثيّ أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان على المعاصرة وحدها كما زعم العوني، وإلا لصحح كثيرا من الروايات المشابهة،