ولأورد الباحث لذلك عشرات النظائر، لا أربعة نماذج لا يصفو له منها شيء، وهذا خلاف ما عرف من طريقة البخاري ومذهبه، فكم أعرض عما صححه غيره من أجل هذا الشرط.
والذي يقتضيه جزم البخاري بسماع أبي عبد الرحمن من عثمان في "تاريخيه" أنه وقف على دليل أو أكثر، أو قرائن تبلغ مبلغ الأدلة على ثبوت ذلك السماع.
٢ - هناك فرقٌ بين أن يصرح مثل البخاري بسماع راوٍ من آخر، وبين أن يصحح تلك الرواية لقرائن احتفت بها.
٣ - لم ينفرد البخاري بمخالفة قول شعبة فيما يتعلق بسماع أبي عبد الرحمن السلمي من المذكورين، فقد خالفه أحمد في سماعه من عبد الله بن مسعود كما مَرَّ، وخالفه أبو حاتم في روايته عن علي، ومسلم يظهر أنه وافقه في أنه لم يسمع من عثمان - فلم يخرج له عنه شيئا، ووافقه في سماعه من علي كما فعل البخاري، والبخاري قد خالفه في سماعه من عثمان، ووافقه في علي، وخالفه في ابن مسعود فصرح بسماعه منه، إلا أنه لم يخرج لأبي عبد الرحمن عنه شيئًا.
٤ - يدل هذا على أن القضية في هذا المثال وأكثر الأمثلة الآتية في كلام العوني إنما هي قضايا خلافية اجتهادية، يُثبت البخاري فيها سماعَ راوٍ من آخر وينفيه غيره، وهناك كثير من النماذج -بل هي الغالبة- على عكس ذلك؛ ينفي البخاري أو يتوقف في سماعٍ يُثبته غيره، وذلك بحسب ما يتوفر لكل ناقد أو إمام من دلائل ثبوت السماع، كما يختلفون في توفر شروط العدالة والضبط.
المثال الثاني:
حديث عروة بن الزبير، عن أم سلمة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لها:"إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك، والناس يصلون"(١٦١٩)(١٦٢٦).