نعم، الظاهر من استعمال "عن" ليس كالظاهر من استعمال "أن" و"قال"، فهاتان ونحوهما لا يُشعران بالاتصال، بل تُعَلُّ روايةٌ اشتملت على "عن" بأخرى أَوْلَى مشتملة على "أن" بدلا منها، ولو كانا سواء ما أُعِلَّتْ الأولى بالثانية؛ حيث إن الثانية خادشةٌ أو مريبةٌ في الاتصال.
أما "عن" فالمخالف لمسلم لا يقول إنها لا تدل على الاتصال، ولكنه يحتاج لحملها على ذلك إلى ثبوت اللقاء أو السماع ولو مرة واحدة كحد أدنى للتحرز عن الإرسال، ثم هو يحمل "عن" بعد ذلك على ظاهر الاتصال، فلا يفتش عن السماع في الإسناد المعنعن حينئذٍ إلا مع الريبة في بعض المواضع.
فالمخالف يرى أن "عن" جرى عُرف المحدثين على استعمالها في الإسناد المتصل تخففًا من ذكر صيغ السماع في كل موضع، لكن بشرط ثبوت الاتصال بين كل راويين ترد بينهما "عن".
ص (١٥٢ - ١٥٧):
الأصل الثاني: سبقت الإشارة إليه قريبًا.
قال الفقير إلى الله تعالى:
انتهى هاهنا ما بدا لي التعليق عليه من الكتاب المذكور، والله من وراء القصد، وهو يتولى السرائر، وهو حسبي ونعم الوكيل.