للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معًا حق، فليس باختلاف بهذا المعنى] (١) فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُلَقِّنُ أصحابه، فيكون بين ما يُلقنه ذا وما لقنه ذاك شيء من ذاك الاختلاف في اللفظ، فحفظ أصحابه كُلٌّ بما لُقِّنَ، وضبطوا ذلك في صدورهم ولَقنوه الناس، ورفع الحرج مع ذلك عن المسلمين، فكان بعضهم ربما تلتبس عليه كلمة مما يحفظه، أو يشق عليه النطق بها، فيكون له أن يقرأ بمرادفها. فمن ذلك ما كان يوافق حرفًا آخر ومنه ما لا يوافق، ولكنه لا يخرج عن ذاك القبيل، وفي "فتح الباري": "ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه كان يقرأ بالمرادف ولو لم يكن مسموعًا له".

فهذا ضرب محدود من القراءة بالمعنى رُخِّصَ فيه لأولئك.

وكُتب القرآن بحضرة النبي -صلى الله عليه وسلم- في قطع من الجريد وغيره، تكون في القطعة الآية والآيتان أو أكثر، وكان رسمُ الخط يومئذ يحتمل -والله أعلم- غالب الاختلافات التي في الأحرف السبعة؛ إذ لم يكن له شكل ولا نقط، وكانت تُحذفُ فيه كثيرٌ من الألفات ونحو ذلك، كما تراه في رسم المصحف، وبذاك الرسمِ عينِه نُقل ما في تلك القطع إلى صحفٍ في عهد أبي بكر، وبه كُتبت المصاحف في عهد عثمان، ثم صار على الناس أن يضبطوا قراءتهم، بأن يجتمع فيها الأمران: النقلُ الثابت بالسماع من النبي -صلى الله عليه وسلم-، واحتمالُ رسم المصاحف العثمانية.

وبذلك خرجت من القراءات الصحيحة تلك التغيرات التي كان يَترخص بها بعض الناس، وبقي من الأحرف الستة المخالفة للحرف الأصلي ما احتمله الرسم، ولعله غالبها - إن لم يكن جميعها، مع أنه وقع اختلافٌ يسيرٌ بين المصاحف العثمانية، وكأنه تبعًا للقطع التي كتب فيها القرآن بحضرة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ كأن توجد الآية في قطعتين كتبت الكلمة في إحديهما بوجهٍ وفي الأخرى بالآخر، فبقي هذا الاختلاف في القراءات الصحيحة.


(١) ما بين الحاجزين تعليقٌ للشيخ للمعلمي في هذا الموضع من "الأنوار" فأوردته هنا في مكانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>