وإن أراد الأحاديث الفعلية ومعاني القولية فباطل، بل يبقى فيها الكثير من ذلك كما لا يخفى على أحد.
قوله:"إن تغيير اللفظ قد يغير المعنى".
قلنا: قد، ولكن الغالب فيمن ضبط المعنى ضبطًا يثق به أنه لا يغير.
قوله:"كل لفظة من كلامه -صلى الله عليه وسلم- يكمن وراءها معنى يقصده".
أقول: نعوذ بالله من غلو يُتذرع به إلى جحود، كان -صلى الله عليه وسلم- يكلم الناس ليفهموا عنه، فكان يتحرى إفهامهم، إن كان ليحدث الحديث لو شاء العادُّ أن يُحصيه أحصاه، كما في "سنن" أبي داود عن عائشة، وأصله في "الصحيحين".
وكان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تفهم، كما في "صحيح" البخاري عن أنس.
ويقال لأبي رية: أمفهومة كانت تلك المقاصد الكامنة وراء كل لفظة للصحابة، أم لا؟ إن كانت مفهومة لهم أمكنهم أن يؤدوها بغير تلك الألفاظ، وإلا فكيف يخاطبون بما لا يفهمونه؟
فأما حديث:"فرب مبلغ أوعى من سامع" فإنما يتفق في قليلٍ كما تفيد كلمة "رُب" وذلك كأن يكون الصحابي ممن قرب عهده بالإسلام، ولم يكن عنده علم، فيؤديه إلى عالم يفهمه على وجهه، والغالب أن الصحابة أفهم لكلام النبي -صلى الله عليه وسلم- ممن
بعدهم" اهـ.
• وقال في "طليعة التنكيل" (ص ٦٩):
"أما الأميةُ فليست مما يوجب قلة الضبط، وإنما غايتها أن يكون في رواية صاحبها كثير من الرواية بالمعنى، وليس ذلك بقادح". اهـ.
• وقال في ترجمة: الحجاج بن أرطاة من "التنكيل" (٧٠):
"حاصل كلامهم في حديثه أنه صدوق مدلس يروي بالمعنى، وقد لخص ذلك محمد ابن نصر المروزي قال:"والغالب على حديثه الإرسال والتدليس وتغيير الألفاظ".