وكذلك ما حكوه عن ابن معين أنه قال لشجاع بن الوليد:"يا كذاب"، فحملها ابن حجر على المزاح.
ومما يدخل في هذا أنهم قد يضعفون الرجل بالنسبة إلى بعض شيوخه، أو إلى بعض الرواة عنه، أو بالنسبة إلى ما رواه من حفظه، أو بالنسبة إلى ما رواه بعد اختلاطه، وهو عندهم ثقة فيما عدا ذلك.
فإسماعيل بن عياش ضعفوه فيما روى عن غير الشاميين، وزهير بن محمد ضعفوه فيما رواه عنه الشاميون.
وجماعة آخرون ضعفوهم في بعض شيوخهم، أو فيما رووه بعد الاختلاط، ثم قد يُحْكَى التضعيف مطلقًا، فيتوهم أنهم ضعفوا ذلك الرجل في كل شيء.
ويقع نحو هذا في التوثيق، راجع ترجمة: عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، قال أحمد مرة: ثقة، وكذا قال ابن معين، ثم بَيَّن كلٌ منهما مرة أنه اختلط، وزاد ابن معين، فَبَيَّنَ أنه كان كثير الغلط عن بعض شيوخه، غير صحيح الحديث عنهم.
ومن ذلك: أن المحدث قد يُسأل عن رجلٍ، فيحكم عليه بحسب ما عرف من مجموع حاله، ثم قد يَسمع له حديثًا، فيحكم عليه حكمًا يميل فيه إلى حاله في ذاك الحديث، ثم قد يسمع له حديثًا آخر، فيحكم عليه حكمًا يميل فيه إلى حاله في هذا الحديث الثاني، فيظهر بين كلامه في هذه المواضع بعض الاختلاف، وقع مثل هذا للدارقطني في "سننه" وغيرها -وترى بعض الأمثلة في ترجمة الدارقطني من قسم التراجم- وقد يُنقل الحكم الثاني أو الثالث وحده، فيتوهم أنه حكم مطلق.
الثامن:
ينبغي أن يبحث عن معرفة الجارح أو المعدل بمن جرحه أو عدله، فإن أئمة الحديث لا يقتصرون على الكلام فيمن طالت مجالستهم له، وتمكنت معرفتهم به.