للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تتبعت الرواة عن ابن جزء، فإذا آخرهم وفاةً: عبيد الله بن المغيرة بن معيقيب، توفي سنة ١٣١، وقد روى عبيد الله أيضًا عن ناعم مولى أم سلمة، ووفاة ناعم سنة ٨٠ على ما قيل ولم يذكروا خلافه.

الوجه الرابع:

لو حج ابن جزء سنة ست وتسعين أو ثماني وتسعين، وحَدَّث في الموسم، واجتمع الناس حواليه، كما تزعمه تلك الرواية، لكان من حضر الموسم من أهل العلم وطلبة الحديث أحرص الناس على لقائه والسماع منه؛ لأنه لم يبق حينئذٍ على وجه الأرض صحابي سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحدث عنه إلا هو، على فرض صحة الرواية، ثم لتناقلوا ما يسمعون منه وتنافسوا فيه لِعُلُوِّهِ، ولا سيما ذاك الحديث المذكور في تلك الرواية: "من تفقه في دين الله كفاه الله همه ورزقه من حيث لا يحتسب"، فإن فيه بشارة عظيمة لهم، وفضيلة بينة، وترغيبًا في طلب العلم، ولا يعرفونه من رواية غيره، فما بالنا لا نجد لذلك أثرًا إلا ما تضمنته تلك القصة؟

الوجه الخامس:

لو لم يكن فيما يدل على تأخر وفاة أُبيّ بن كعب إلا ما أشار إليه الأستاذ من الرواية التي عند ابن سعد، لاستنكرها أهل العلم، لكن لذلك شواهد وعواضد، منها ما روي عن عبد الرحمن بن أبزى أنه قال: "قلت لأُبي: لما وقع الناس في أمر عثمان يا أبا المنذر ... "، ومنها ما روي عن زر بن حبيش أنه لقي أُبيًا في خلافة عثمان، ومنها ما روي عن الحسن البصري في قصةٍ أن أُبيًا مات قبل مقتل عثمان بجمعة.

فأما الرواية في لُقِيِّ ابنِ جزء بمكة سنة ست وتسعن أو ثماني وتسعين، فلا شاهد لها ولا عاضد.

فإن قيل: أرأيت لو وُجد لها شواهد وعواضد قوية، أتقبلونها؟

<<  <  ج: ص:  >  >>