للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يتكلم فيه أحدٌ من المتقدمين، والعدالةُ تثبتُ بأقلِّ من هذا، ومن ثَبتتْ عدالتُه لم يُقبل فيه الجرحُ إلا بِحُجَّةٍ وبَيِّنَةٍ واضحةٍ، كما سلف في القواعد.

فلننظر في المتكلمين فيه وكلامهم:

أما الأزدي: فقد تكلموا فيه، حتى اتهموه بالوضع (١)، ... على أن الأزدي استند إلى ما استند إليه ابن حبان، وسيأتي ما فيه.

وأما ابن خزيمة فلا تثبت تلك الكلمة عنه بحكاية ابن الجوزي المُعْضلة، ولا نَعلمُ ابنَ الجوزي التزم الصحة فيما يحكيه بغير سند، ولو التزم لكان في صحة الاعتماد على نقله نظر؛ لأنه كثير الأوهام، ... (٢).

وأما الحاكم، فأحسبه تبعَ ابن حبان، فإن ابن حبان ذكر الحارث في "الضعفاء"، وذكر ما أنكره من حديثه.

والذي يُستنكرُ من حديثِ الحارث حديثان:

الأول: رواه محمد بن زنبور المكي عن الحارث عن حميد.

والثاني: رواه ابنُ زنبور أيضًا عن الحارث عن جعفر بن محمد، فاستنكرها ابن حبان، وكان عنده أن ابن زنبور ثقة، فجعلَ الحَمْلَ على الحارث، وخالفه آخرون فجعلوا الحَمْلَ على ابن زنبور.

قال مَسْلمة في ابن زنبور: "تُكلم فيه؛ لأنه روى عن الحارث بن عمير مناكير، لا أُصولَ لها، وهو ثقة".

وقال الحاكم أبو أحمد في ابن زنبور: "ليس بالمتين عندهم، تركه محمد بن إسحاق ابن خزيمة"، وهذا مما يدل على وهم ابن الجوزي.


(١) انظر ترجمة الأزدي في القسم الثاني من هذا الكتاب.
(٢) انظر ترجمة ابن الجوزي أيضًا في القسم الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>