وهذه كلمة مرسلة، لم يُبَيِّنْ ما هو الزور؟ ومن أين عرف أبو يعلي أنه زور؟ وعلى فرض تحققه ذلك، فهل تعمَّدَ ابنُ عمار الشهادة بالباطل أو أخطأ؟ وإعراض الناس -ومنهم ابن عدي حاكي الكلمة عن أبي يعلى- عن كلمته، يُبين أنها كلمة طائشة، لا تستحق أن يُلتفت إليها.
وابنُ عمار أكبر من أبي يعلي بنحو خمسين سنة، فلعل أبا يعلي سمع خاله -ومَنْ خالُه؟ - يقول: شهد عليَّ ابنُ عمار بالزور، فأخذها أبو يعلي ولم يحققها.
وقدمنا في القواعد أنه إذا ظهر أن بين الرجلين نُفْرَةً لم يُقبل ما يقولُه أحدهما في الآخر إلا مفسرا محققا مثبتا.
ويتأكد ذلك بإعراض الناس عن كلمة أبي يعلي، وإجماعهم على توثيق ابن عمار.
فأما الغرائب فقد دلت كلمة ابن عدي على أنها غرائب صحاح، ولهذا ذكرها في صدد المدح، فحوله الكوثري إلى القدح. والله المستعان". اهـ.
• وفي ترجمة: عبد الله بن الزبير أبي بكر الحميدي منه (١٢١):
قال ابن السبكي: "قال ابن خزيمة فيما رواه الحاكم عن الحافظ حسينك التميمي عنه: كان ابن عبد الحكم من أصحاب الشافعي، فوقعت بينه وبين البويطي وحشةٌ في مرض الشافعي، فحدثني أبو جعفر السكري صديق الربيع، قال: لما مرض الشافعي، جاء ابن عبد الحكم ينازع البويطي في مجلس الشافعي، فقال البويطي: أنا أحق به منك، فجاء الحميدي وكان بمصر، فقال: قال الشافعي: ليس أحدٌ أحقَّ بمجلسي من البويطي، وليس أحدٌ من أصحابي أعلمَ منه.
فقال له ابن عبد الحكم: كذبتَ. فقال له الحميدي: كذبتَ أنت وأبوك وأمك. وغضب ابن عبد الحكم، فترك مذهب الشافعي. فحدثني ابن عبد الحكم قال: كان الحميدي معي في الدار نحوًا من سنة، وأعطاني كتاب ابن عيينة، ثم أبوا إلا أن يوقعوا بيننا ما وقع".