والأزهري وإن ذكر التساهل، فقد عقبه بقوله:"وكان مع ذلك ثقة"، فهذا يقضي أنه إن ساغ أن يسمي ما وقع منه تساهلا، فهو تساهل عرفي، لا يخدش في الثقة والتيقظ والحجة ... ".اهـ.
• وفي ترجمة: أحمد بن محمد بن يوسف بن محمد بن دوست العلاف أبي عبد الله البزاز من "تاريخ بغداد" (٤/ ١٢٥):
"سمعت أبا القاسم الأزهري يقول: ابن دوست ضعيف؛ رأيت كتبه كلها طرية، وكان يُذكر أن أصوله العتق غرقت، فاستدرك نَسْخَها.
سألتُ أبا بكر البرقاني عن ابن دوست، فقال: كان يسرد الحديث من حفظه، وتكلموا فيه, وقيل: إنه كان يكتب الأجزاء، ويتربها؛ ليظن أنها عتق"
فقال الشيخ المعملي في ترجمة ابن دوست من "التنكيل" (٣٧):
"التضعيفُ مفسَّرٌ بما بعده، واعلم أن المتقدمين كان يعتمدون على الحفظ، فكان النقاد يعتمدون في النقد عدالةَ الراوي واستقامةَ حديثه، فمن ظهرت عدالته، وكان حديثه مستقيمًا، وثقوه.
ثم صاروا يعتمدون الكتابةَ عند السماع، فكان النقاد إذا استنكروا شيئًا من حديث الراوي، طالبوه بالأصل.
ثم بالغوا في الاعتماد على الكتابة وتقييد السماع، فشدَّدَ النقادُ, فكان أكثرهم لا يسمعون من الشيخ حتى يشاهدوا أصله القديم، الموثوق به، المقيد سماعه فيه.
فإذا لم يكن للشيخ أصلٌ، لم يعتمدوا عليه، وربما صرح بعضهم بتضعيفه، فإذا ادَّعَى السماعَ ممن يستبعدون سماعَهُ منه، كان الأمرُ أشدَّ.
ولا ريب أن في هذا الحالة الثالثة احتياطًا بالغا، ولكن إذا عُرفت عدالةُ الرجل وضبطُه وصدقُه في كلامه، وادَّعى سماعا محتملا ممكنا، ولم يُبرز به أصلًا، واعتذر بعذرٍ محتملٍ قريبٍ، ولم يأت بما يُنكر، فبأي حجة يُرد خبره؟