للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجيب عن ذلك: بأن محمد بن جعفر البغدادي الفيدي، قد وثقه يحيى بن معين، وأن أبا الصلت الهروي قد وثقه ابن معين والحاكم. وقد سئل يحيى عن هذا الحديث، فقال: صحيح. وأخرجه الترمذي عن علي -رضي الله عنه- مرفوعًا. وأخرجه الحاكم في المستدرك عن ابن عباس مرفوعًا. وقال: صحيح الإسناده

قال الحافظ ابن حجر: والصواب خلاف قولهما معًا، يعني: ابن الجوزي، والحاكم. وأن الحديث من قسم الحسن، لا يرتقي إلى الصحة، ولا ينحط إلى الكذب. انتهى. وهذا هو الصواب؛ لأن يحيى بن معين، والحاكم قد خولفا في توثيق أبي الصلت ومن تابعه، فلا يكون مع هذا الخلاف صحيحًا، بل حسنًا لغيره، لكثرة طرقه كما بيناه، وله طرق أخرى ذكرها صاحب اللآلىء وغيره (١).


(١) أخرجه: الحاكم وصححه (٣/ ١٣٧)، والطبراني في "الكبير" (١١/ ٦٥)، والخطيب في "التاريخ" (١١/ ٤٨) من حديث أبي الصلت الهروي عن أبي معاوية، عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعًا به.
وتابع أبا الصلت عليه كل من:
أحمد بن سلمة أبو عمرو الجرجاني عند ابن عدي (١/ ١٨٩)، والحسن بن علي بن راشد عنده أيضًا (٢/ ٣٤١)، وجعفر بن محمد البغدادي عند الخطيب في "التاريخ" (٧/ ١٧٢)، والقاسم بن سلام عند ابن حبان في المجروحين (٢/ ١٥١) كلهم عن أبي معاوية بإسناده به.
والحديث أجمع الأئمة على نكارته ووهائه، وهذا الحديث مما تفرد به أبو الصلت الهروي عن أبي معاوية بهذا الإسناد، وتكلم فيه الأئمة من أجله، وقد رواه غير واحد عن أبي معاوية إلا أن العلماء يرون أنه حديث أبي الصلت. وكل من رواه عن أبي معاوية إنما سرقه من أبي الصلت.
راجع كلام ابن عدي في "الكامل" (١/ ١٨٩) (٢/ ٣١٤) (٣/ ٤١٢).
والحديث استنكره الإِمام أحمد فيما نقل ابن الجوزي في الموضوعات (١/ ٢٦٤)، وابن معين كما في "تاريخ بغداد" (١١/ ٢٠٣).
وقال العقيلي في "الضعفاء" (٣/ ١٤٩ - ١٥٠): "ولا يصح في هذا المتن حديث".
وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" بجميع طرقه (١/ ٢٦٣ - ٢٦٤): "هذا حديث لا يصح من جميع الوجوه".
وقال ابن حبان في "المجروحين" (٢/ ١٥١): "هذا خبر لا أصل له عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

<<  <  ج: ص:  >  >>