[قال المعلمي:"كنت من قبل أميل إلى اعتقاد قوة هذا الخبر حتى تدبرته، وله لفظان:
الأول: "أنا مدينة العلم وعلي بابها".
والثاني: "أنا دار الحكمة وعلي بابها".
ولا داعي للنظر في الطرق التي لا نزاع في سقوطها، وانظر فيما عدا ذلك على ثلاثة مقامات:
المقام الأول: سند الخبر الأول إلى أبي معاوية والثاني: إلى شريك.
روى الأول عن أبي معاوية: أبو الصلت عبد السلام بن صالح، وقد تقدم حال أبي الصلت في التعليق (ص ٢٩٢) وتبين مما هناك أن من يأبى أن يكذبه يلزمه أن يكذب علي بن موسى الرضا وحاشاه، وتبعه محمد بن جعفر الفيدي، فعدَّه ابن معين متابعًا، وعده غيره سارقًا، ولم يتبين من حال الفيدي ما يشفي، ومن زعم أن الشيخين أخرجا له أو أحدهما فقد وهم.
وروى جعفر بن درستويه، عن أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز، عن ابن معين في هذا الخبر قال: "أخبرني ابن نمير قال: حدث به أبو معاوية قديمًا ثم تركه" وهذه شهادة قوية.
لكن قد يقال: يحتمل أن يكون ابن نمير ظن ظنًا، وذلك أنه رأى ذينك الرجلين زعما أنهما سمعاه من أبي معاوية، وهما ممن سمع منه قديمًا، وأكثر أصحاب أبي معاوية لا يعرفونه فوقع في ظنه ما وقع.
هذا مع أن ابن محرز له ترجمة في تاريخ بغداد لم يذكر فيها من حالة إلا أنه روى عن ابن معين وعنه جعفر بن درستويه. نعم: ثَمَّ ما يشهد لحكايته، وهو ما في ترجمة عمر بن إسماعيل بن مجالد من كتاب ابن أبي حاتم، أنه حدث بهذا عن أبي معاوية،