وقد قرر ابن حجر في "نخبته" و"مقدمة اللسان"، وغيرهما، أن من نوثقه، ونقبل خبره من المبتدعة، يختص ذلك بما لا يؤيد بدعته، فأما ما يؤيد بدعته، فلا يقبل منه البتة، وفي هذا بحث، لكنه حَق فيما إذا كان مع بدعته مدلسًا، ولم يصرح بالسماع، وقد أعل البخاري في تاريخه الصغير (ص ٦٨)، خبرًا رواه الأعمش، عن سالم يتعلق بالتشيع بقوله:"والأعمش لا يدري، سمع هذا من سالم أم لا، قال أبو بكر بن عياش، عن الأعمش أنه قال: "نستغفر الله من أشياء كنا نرويها على وجه التعجب، اتخذوها دينًا".
ويشتد اعتبار تدليس الأعمش في هذا الخبر خاصة؛ لأنه عن مجاهد، وفي ترجمة الأعمش، من تهذيب التهذيب: "قال يعقوب بن شيبة في مسنده: ليس يصح للأعمش، عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة، قلت: لعلي بن المديني، كما سمع الأعمش من مجاهد؟ قال: لا يثبت منها إلا ما قال سمعت، هي نجو من عشرة، وإنما أحاديث مجاهد عنده عن أبي يحيى القتات، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه، في أحاديث الأعمش عن مجاهد: قال أبو بكر بن عياش، عنه: حدثنيه ليث [بن أبي سليم] عن مجاهد".
أقول: والقتات وليث، ضعيفان، ولعل الواسطة في بعض تلك الأحاديث من هو شر منهما، فقد سمع الأعمش من الكلبي أشياء، يرويها عن أبي صالح باذام، ثم رواها الأعمش عن باذام تدليسًا، وسكت عن الكلبي، والكلبي كذاب، ولا سيما فيما يرويه عن أبي صالح، كما مر في التعليق (ص ٣١٥).
ويتأكد وهن الخبر بأن من يثبته عن أبي معاوية، يقول إنه حدث به قديمًا، ثم كف عنه، فلولا أنه علم وهنه لما كف عنه، والخبر عن شريك اضطربوا فيه، رواه الترمذي من طريق ابن الرومي "عن شريك، عن سلمة بن كهيل، عن سويد بن غفلة، عن الصنابحي، عن علي"، وذكر الترمذي أن بعضهم رواه عن شريك، فأسقط الصنابحي، والخبر في اللآلىء من وجه آخر، عن ابن الرومي نفسه. وعن عبد الحميد بن بحر،