يظهر من تصفح كثير من الكتب المطبوعة أن طابعيها يرون قريبًا من الرأي الأول، إلا أنهم لا يقدمون على طبع كتاب حتى تحصل لهم نسختان فأكثر، فتجعل واحدة أصلًا، وينبه في الحواشي على مخالفات الأخرى.
وهذا الرأي في معنى الأول، إلا أنه يخف فساده إذا كانت النسختان أو النسخ كلها واضحة الخط جيدة الصحة، وجعلت الأجود أصلًا، لكن الجودة الموثوق بها في النسخ القلمية عزيزة، ومع ذلك فعند الاختلاف قد يتفق أن يثبت الخطأ في المتن والصواب في الحاشية وهو خلاف ما ينبغي، وقد يسأم المصحح من كثرة الاختلاف فيغفل كثيرًا منه، وملتزم الطبع قد يحض على تقليل الحواشي لتخف النفقات، والغالب أن يوكل إلى المصحح أن يقتصر على إثبات الاختلافات المهمة، فإن لم يكن أهلًا للتصحيح العلمي خبط خبط عشواء فكثيرا ما يثبت في المطبوع الأغلاط الفاحشة ويكون الصواب في بعض النسخ القلمية ولكنه أغفله لتوهمه أنه هو الخطأ.
الرأي الثالث:
كالذي قبله، إلا أنه يزيد بمراجعة كثير من المظان من الكتب الأخرى، وينبه على الاختلافات، والحال في هذا كالذي قبله.
الرأي الرابع:
يظهر من تصفح كثير من المطبوعات أنه اعتمد فيها التصحيح العلمي إلا أن مصححيها أغفلوا التنبيه على ما خالفوا فيه الأصل أو بعض الأصول واقتصروا على إثبات ما رأوه الصواب، وفي هذا خلل من جهات: