للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . .


= وقال الثوري: ما بالكوفة شابٌ أعقل من أبي أسامة. "تهذيب الكمال" (٧/ ٢٢٣).
أما ابن سعد فقد قال في "طبقاته" (٦/ ٣٩٥): كان ثقة مأمونًا كثير الحديث، يدلس وتبين تدليسه. كذا.
وليس ابن سعد ممن يُقبل منه تفرده بمثل هذا، فإن مادته من شيخه الواقدي، والواقدي ليس بعمدة وانظر ترجمة ابن سعد فيما يأتي من هذا الكتاب.
ولعل ابن سعد أو شيخه قد بَنَى على ما لا يصح، أو ما لا يُفيد الوصف بالتدليس.
فقد قال الآجري عن أبي داود: دَفَن أبو أسامة كتبه فما أخرجها، وكان بعد ذلك يستعير الكتب. "سؤالات الآجري" (٢٨٤).
وقال عنه أيضًا: قال وكيع: قد نهيتُ أَبا أسامة أن يستعير الكتب، وكان دفن كتبه. "سؤالاته" (٥٨٥).
ومثله في "العلل ومعرفة الرجال" لعبد الله بن أحمد عن أَبيه عن وكيع، بدون ذكر دفن الكتب. "العلل" (١٧٢٦).
فقد كان أمرُ دَفْنِه كتبه واستعارته كتب غيره معروفًا عند الآخذين عنه من الأئمة الأثبات، ومع ذلك لم يغمزه أحدٌ بذلك، ولا وصفه أحدٌ بتدليسٍ أو غيره، وانتظر.
لكن قد قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (٣/ ٤): "حكى الأَزدي في "الضعفاء" عن سفيان بن وكيع، قال: كان أبو أسامة يتتبع كتب الرواة، فيأخذها وينسخها. قال لي ابن نمير: إن المحسِنَ لأبي أسامة يقول: إنه دفن كتبه ثم تتبع الأحاديث بَعْدُ من الناس. قال سفيان بن وكيع: إني لأعجب كيف جاز حديث أبي أسامة! كان أمره بَيِّنًا، وكان من أسرق الناس لحديثٍ جيد". اهـ
أقول: هاهنا أمور:
الأول: الأَزدي في نفسه متهم، فلا يؤتمن على مثل هذا النقل.
الثاني: سفيان بن وكيع قد اتهمه أبو زرعة بالكذب وأسقطه غيرُ واحد، فليس هو ممن يقبل قوله في مثل هذا، وستأتي ترجمته فلعلَّه سمع قول أَبيه فأساء فَهْمَهُ.
الثالث: ذكر الذهبي حكاية الأزدي في "الميزان" (٢ / ت ٢٢٥٣) لكن وقع له: عن سفيان الثوري، ووهمه الحافظ في "التهذيب" (٣/ ٣). ثم قال الذهبي: أبو أسامة لم أورده لشيء فيه، ولكن ليُعرف أن هذا القول باطل. اهـ
الرابع: لابن نمير -وهو محمد بن عبد الله- قول في أبي أسامة يوهم تهمته له بالتدليس.
فقد قال يعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (٢/ ٨٠١): قال ابن نمير: هو الذي يروي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ونرى أنه ليس بابن جابر المعروف، ذكر لي أنه رجل يسمى بابن جابر، فدخل فيمع وإنما هو إنسان يسمى بابن جابر. =

<<  <  ج: ص:  >  >>