للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلذا تركه البخاري، وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره، وما سوى حديثه عن ثابت لا يبلغ اثني عشر "حديثًا" (١) أخرجها في الشواهد" (٢).

أقول: أما التغير فلا مستند له (٣)، ونصوص الأئمة تبين أن حمادًا أثبت الناس في ثابت وحميد مطلقًا، وكأنه كان قد أتقن حفظ حديثهما، فأما حديثه عن غيرهما فلم يكن يحفظه، فكان يقع له فيه الخطأ إذا حدث من حفظه، أو حين يحول إلى الأصناف التي جمعها كما مرّ.

ولم يتركه البخاري، بل استشهد به في مواضع من "الصحيح" (٤) فأما عدم إخراجه له في الأصول فلا يوجب أن يكون عنده غير أهل لذلك، ولذلك نظائر، هذا سليمان بن المغيرة الذي تقدم أنه من أثبت الناس في ثابت، وأنه أثبت فيه من حماد بن زيد، وقد ثبته الأئمة جدًّا، قال أحمد: "ثبت ثبت" وقال ابن معين: "ثقة ثقة"، والثناء عليه كثير ولم يغمزه أحد، ومع ذلك ذكروا أن البخاري لم يحتج به ولم يخرج له إلا حديثًا واحدًا مقرونًا بغيره.


(١) من طبعة المعارف بالرياض (١/ ٢٤٢)، وسقط من الطبعة المأخذوة عنها (١/ ٢٥٠).
(٢) "تهذيب التهذيب" (٣/ ١٣) وزاد الذهبي عن البيهقي: "فالاحتياط أن لا يُحتج به فيما يخالف الثقات". "السير" (٧/ ٤٥٢).
(٣) لكن قال أبو حاتم لما سئل عن أبي الوليد الطيالسي وحجاج بن المنهال: "أبو الوليد عند الناس أكثر، كان يقال: سماعه من حماد بن سلمة فيه شيء كأنه سمع مه بأخرة، وكان حماد ساء حفظه في آخر عمره". اهـ. "الجرح" (٩ / ت ٢٥٣).
وإن كان سوء الحفظ لا يُعطي معنى التغير الاصطلاحي، إلا أنه يفيد في اختلاف حال حماد بأخرة، والله تعالى أعلم.
(٤) قال الذهبي في "السير" (٧/ ٤٤٦): "تحايد البخاري إخراج حديثه، إلا حديثًا أخرجه في الرقاق، فقال: قال لي أبو الوليد: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس، عن أُبَيّ".

<<  <  ج: ص:  >  >>