للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: إنما ذكروا في الطبقة الثانية، من طبقات المدلسين وهي طبقة من "احتمل الأئمة تدليسه، وأخرجوا له في الصحيح، قلت: ليس معنى هذا أن المذكورين في الطبقة الثانية تقبل عنعنتهم مطلقًا، كمن ليس بمدلس البتة، إنما المعنى أن الشيخن انتقيا في المتابعات ونحوها من معنعناتهم ما غلب على ظنهما أنه سماع، أو أن الساقط منه ثقة، أو كان ثابتًا من طريق أخرى، ونحو ذلك، كشأنهما فيمن أخرجا له ممن فيه ضعف.

وقد قرر ابن حجر في "نخبته" ومقدمة "اللسان" وغيرهما: أن من نوثقه، ونقبل خبره من المبتدعة يختص ذلك بما لا يؤيد بدعته، فأما ما يؤيد بدعته، فلا يقبل منه البتة، وفي هذا بحث (١)، لكنه حق فيما إذا كان مع بدعته مدلسًا، ولم يصرح بالسماع.

وقد أعلّ البخاري في "تاريخه الصغير" (ص ٦٨) خبرًا رواه الأعمش، عن سالم يتعلق بالتشيع بقوله "والأعمش لا يدرى، سمع هذا من سالم أم لا، قال أبو بكر بن عياش عن الأعمش، أنه قال: نستغفر الله من أشياء كنا نرويها على وجه التعجب، اتخذوها دينًا" (٢).


(١) انظر البحث المتعلق بحكم رواية المبتدع، في أوجه الطعن في العدالة من القسم الخاص بالقواعد من هذا الكتاب.
(٢) قال البخاري في تاريخه المطبوع باسم "الصغير" (١/ ١٦٢)، وهو في "الأوسط" (١/ ٢٥٥):
"وروى حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي نضرة أن معاوية لما خطب على المنبر، فقام رجل، فقال: قال ورفعه: "إذا رأيتموه على المنبر فاقتلوه". وقال آخر: اكتبوا بلى عمر، فكتبوا، فإذا عمر قد قُتل".
وهذا مرسل، لم يشهد أبو نضرة تلك الأيام.
وقال عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن علي بن زيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد رفعه.
وهذا مدخول لم يثبت.
ورواه مجالد، عن أبي الوَدَّاك عن أبي سعيد رفعه.
وهذا واهٍ. قال أحمد: أحاديث مجالد كأنها حلم.
ويروى عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه عن رجل، عن عبد الله بن عمرو رفعه في قصته.
وهذا منقطع لا يعتمد عليه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>