"رواية الأعمش عن أبي وائل معتمدة "الصحيحين" لاختصاصه به، فلا يضره وجود شيء من التدليس لا غير روايته عن أبي وائل، ولو تنطعنا في رَدِّ رواية من رُمي بشيء من التدليس لرددنا رواية كثير من الأئمة كمالك والثوري وغيرهما، راجع رسالة الحافظ ابن حجر في "مراتب المدلسين". اهـ. ووافقه العلامة الألباني بقوله: "ما ذكر فضيلته لا رواية الأعمش عن أبي وائل وجيه". أقول: سبق توجيه الشيخ المعلمي لمعنى ذِكْر الأعمش وغيره لا الطبقة الثانية من طبقات المدلسين. لكن قد قال الذهبي في ترجمة الأعمش من "الميزان" (٢/ ٢٢٤). "هو مدلس، وربما دلس عن ضعيف، ولا يدري به، فمتى قال: "حدثنا" فلا كلام، ومتى قال: "عن" تطرّق إليه احتمال التدليس، إلا في شيوخٍ له أكثر عنهم: كإبراهيم، وأبي وائل، وأبي صالح السمان؛ فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال". اهـ. قلت: إبراهيم هو النخعي، وأبو وائل: شقيق بن سلمة، وأبو صالح: ذكوان. وما قاله الذهبي توافقه العادة الجارية فإنَّ مَنْ أكثر عَنْ شيخٍ حتى كاد أن يستوعب ما عنده من الحديث، فإنه ليس بحاجة بلى التدليس عنه فإن ما عنده عنه يكفيه ويُغنيه عن مثل هذا، وإنما ربما دلَّس عمن فاته أكثرُ حديثه فاحتاج إلى الرواية عنه بواسطة، ثم يُسقط تلك الواسطة ويدلس عن ذاك الشيخ؛ تكثرًا من الرواية عنه مباشرة، ولأسباب أخرى معروفة. لكن لا يخفى أن هذا أمرٌ أَغْلَبِيٌّ، والرجل إذا كان مدلِّسًا، وأكثر عن فلانٍ من الناس، ولم يقل: أنا لا أُدَلِّسُ عنه فينه لا يمتنع أيضًا أن يسمع عنه حديثًا بواسطة، فيدلسه؛ استحياءً أن يحدث عنه بواسطة مع ما عرف عنه من اختصاصه به وإكثاره عنه ولأسباب أخرى لا تقضى العادة بامتناعها. =