للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في "الفوائد" (ص ٤٤٣): "لم يسمع من أنس".


= كذلك لا يمكن أن يكون له ولد على الوجه المعروف في التناسل أو نحوه؛ لأن ذلك يتوقف على أن يخرج من جوف الأب شيء يتكون منه الإبن، وهكذا من كان كذلك لا يكون له أب، لأن الأب لا بد أن يكون شبيه الابن في الذات، ففرض أب للمصمت الذي لا جوف له يستلزم نفي الأبوة.
وهذا المعنى مع صحته عن أكابر من التابعين، كما رأيت واضح المناسبة للسياق، ولحديثي البخاري وأبي العالية، ولتقديم "لم يلد"، فإنَّ دلالة هذا المعنى على أنه لم يلد أقرب من دلالته على أنه لم يولد كما لا يخفى". اهـ.
أقول: هكذا قرَّر المعلمي هذا المعنى بمناسبته لسياق الآيات، ولما صح من الحديث، ولما صح عن أكابر التابعين.
ثم قال رحمه الله: لكن أخرج ابن جرير من وجه صحيح عن الأعمش عن أبي وائل شقيق ابن سلمة قال: "الصمد: السيد الذي قد انتهى سؤدده".
وقال: حدثنا علي قال: ثنا أبو صالح قال: ثنا معاوية عن علي عن ابن عباس في قوله: (الصمد) يقول: السيد الذي قد كمل سؤدده .. "
قال المعلمي: والسند عن أبي وائل فيه الأعمش، وهو مدلس مشهور بالتدليس، وربما دلس عن الضعفاء والسند عن ابن عباس فيه كلام، وهو مع ذلك منقطع، على بن أبي طلحة أجمع الحفاظ كما في "الاتقان" عن الخليلي على أنه لم يسمع من ابن عباس، وقال بعضهم: إنما يروي عنه بواسطة مجاهد أو سعيد بن جبير، ولا دليل على أنه لا يروي عنه بواسطة غيرهما، والثابت عنهما خلافه كما مَرَّ".
ثم ذكر المعلمي ترجيح الطبري هذا المعنى الثاني -وهو السيد الذي يصمد إليه، الذي لا أحد فوقه- لأنه هو المعروف من كلام العرب، واستشهد لذلك من شعرهم.
ثم قال: وهذا المعنى وإن كان كأنه أشهر في العربية، فالمعنى الأول معروف فيها، والاشتقاق يساعد المعنيين، وفي "اللسان": قال أبو عمرو: الصمد من الرجال الذي لا يعطش ولا يجوع وأنشد .... "
قال المعلمي:
وكفى دلالة على صحة المعنى الأول ثبوت القول به عن أئمة التابعين، ثم هو الأوضح مناسبة للسياق، وسبب النزول، وذهب بعض الأجلَّة بلى تصحيح كلا المعنين ... ". اهـ.
أقول: فأنت ترى ثبوت هذا المعنى من عدة وجوه وقد صح عن مجاهد، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والشعبي، وورد عن غيرهم من وجوه فيها ضعف.
فإذا جاء خلف هذا المعنى بإسناد فيه مظنة للخلل، فأيُّ حرج على الناقد إذا أعلَّه بذلك، مستصحبًا ذاك الثبوت المستفيض، والله تعالى ولي التوفيق.
فأما ما يتعلق برواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، ففيها بحث آخر، انظره في ترجمة علي من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>