فائدة: اعلم أن صيغ الأداء في الأسانيد مما اعتنى به الأئمة، فكانوا يضعونها تحت النظر والنقد، ولابد أن يصح الطريق لقائل الصيغة أولًا حتى تثبت عنه، ثم لابد أن تتوفر فيه هو شروط قبول الرواية المعتبرة حتى يقبل منه تصريحه بالسماع من شيخية خشية أن يكون قد وهم في ذلك، وهذا من دقائق هذا العلم، ومما يُرجع فيه أولًا وأخيرًا لأئمة النقد. ولهذا أمثلة معروفة لأهل الفن، من ذلك: أن أصحاب الزهري قد اتفقوا على رواية حديث عنه عن سعيد بن المسيب، لم يصرح الزهري بسماعه فيه من ابن المسيب. وخالفهم أسامة بن زيد الليثي -وهو ضعيف- فرواه عن الزهري قال: سمعت سعيد بن المسيب. حكى عمرو بن علي الفلاس أن يحيى القطان قد ترك أسامة بسبب ذلك. انظر: "تهذيب التهذيب" (١/ ٢١٠). وانظر الموضع السادس من كلام المعلمي في ترجمة بقية بن الوليد من هذا الكتاب. (١) "تحفة الأشراف" (٢/ ١٨٦ - ١٨٧) وتمام قول المزي: "سليمان لم يسمع من جابر، فلعلَّ ابن جريج رواه عن سليمان عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلًا، وعن أبي الزبير عن جابر مرسلًا". اهـ. يعني أن ابن جريج لما جمع شيخيه، حمل إسناد أحدهما -وهو مرسل- على الآخر -وهو موصول- وهذا من أسباب التعليل عند الأئمة، وسزى زيادة في هذا عند الكلام على "الحديث المعلل" من القسم الخاص بالقواعد من هذا الكتاب. (٢) بل رواية أبي داود كغيره: عن سليمان وأبي الزبير، وهي في السنن - كتاب الجنائز، باب في البناء على القبر، الحديث الثاني في الباب، رقم (٣٢١٨) وهي التي اقتصر عليها المزي في "التحفة" (٢/ ١٨٦ - رقم (٢٢٧٣).