للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: بل هذا هو الظاهر، كما جرت عليه عادة المحدثين في ذاك العصر من التبكير بأبنائهم للسماع من المعمّرين على أمل أن يعيش الابن فيكون سنده عاليًا، فيكون له بذلك صيت وشهرة ويرحل الناس إليه، وتلك مرتبة يحرص المحدث أن ينالها ابنه.

وقد ولد أبو حنيفة سنة (٨٠) بالكوفة ونشأ بها ولم يُعرفْ والده بشيء من العلم، ونشأ هو غير معْنِيّ بطلب الحديث كما يدل عليه النظر في وفيات شيوخه الذين تثبت روايته عنهم، وعاش أنس -رضي الله عنه- بالبصرة إلى أن مات سنة إحدى وتسعين وقيل بعدها بسنة وقيل بسنتين، أي وعُمْرُ أبي حنيفة ما بين إحدى عشرة إلى ثلاث عشرة، ولم يكن عادة الناس في ذاك العصر التبكير بالسماع.

وفي "الكفاية" (ص ٥٤): "قلّ من كان يثبت "وفي نسخة: يكتب" الحديث على ما بلغنا في عصر التابعين وقريبًا منه إلا من جاوز حدّ البلوغ، وصار في عداد من يصلح لمجالسة العلماء ومذاكرتهم وسؤالهم. وقيل: إن أهل الكوفة لم يكن الواحد منهم يسمع الحديث إلا بعد استكماله عشرين سنة".

ثم روى بعد ذلك حكايات منها "أنه قيل لموسى بن إسحاق: كيف لم تكتب عن أبي نعيم؟ قال: كان أهل الكوفة لا يُخرجون أولادهم في طلب الحديث صغارًا حتى يستكملوا عشرين سنة".

هذا كله مع أن أسطورة الدراهم والتحديث عمن لم يدركه إنما أخذها الاستاذ من قول الخطيب: "سمعت هبة الدين الحسين الطبري "اللالكائي" ذكر ابن درستويه وضعفه وقال: "بلغني أنه قيل له حدِّث عن عباس الدوري حديثًا ونحن نعطيك درهمًا ففعل، ولم يكن سمع من عباس".

<<  <  ج: ص:  >  >>