قال الخطيب:"وهذه الحكاية باطلة؛ لأن أبا محمد بن درستويه كان أرفع قدرًا من أن يكذب لأجل [العرض](١) الكثير، فكيف لأجل التافه الحقير. وقد حدثنا عنه ابن رزقويه بأمالي أملاها في جامع المدينة وفيها عن عباس الدوري أحاديث عدّة".
أقول: واللالكائي توفى سنة (٤١٨)، وقد قال الخطيب في ترجمته "عاجلته المنية فلم ينتشر عنه كبير شيء" فهذا يدل أن مولد اللالكائي كان بعد وفاة ابن درستويه بمدة؛ فإن وفاته كانت سنة (٣٤٧).
وقوله "بلغني .. " لا يُدرى من الذي بلّغهُ ومثل هذا لا يثبت به حكم ما، وقد قال الحماني:"سمعت عشرة كلهم ثقات يقولون سمعنا أبا حنيفة يقول: "القرآن مخلوق" فردّة لأستاذ -الكوثري- (ص ٥٦) من "التأنيب" - بقوله "قول الراوي سمعت الثقة يعد كرواية عن مجهول وكذا الثقات" ثم تراه يبني على قول اللالكائي "بلغني .. " القصور والعلالي جازمًا بذلك مكررًا نبْز ابن درستويه بقوله "الدراهمي" وغير ذلك.
ومع أن المبلغ اللالكائي إنما قال: "ولم يكن سمع من عباس" فلم يقنع الأستاذ "الإمام الفقيه المحدث والحجة الثقة المحقق العلامة الكبير صاحب الفضيلة مولانا الشيخ محمد زاهد الكوثري وكيل المشيخة الإسلامية في الخلافة العثمانية سابقًا" كما نعته صاحبه على لوح "التأنيب" أو كما نعت نفسه، لم يقنع بذلك، بل قال "كان يحدث عمن لم يدركه لأجل دريهمات يأخذها".
ثم مع هذا وأمثاله وما هو أشدّ منه وكثرة ذلك يضج ويعج ويُرْغِي ويُزْبِد إذا نسب إلى المغالطة، وليت شعري كيف يمكننا إحسان الظن به وحمله على الغلط والوهم (مع) أن تلك الزلات الكثيرة كلها فيما يؤيد به هواه، ولا أذكر له زلة واحدة فيما يخالف هواه.
(١) كذا في "التنكيل" بالراء وفي "تاريخ بغداد" (٩/ ٤٢٩): "العوض" بالواو، ولعلَّه أقرب، والله أعلم.