للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . .


= أما رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس فأقصى ما يكون من أمرها أن يكون أخذها عن مجاهد وابن جبير، وهما من خيار ثقات أصحاب ابن عباس، فاستندت إلى أقوى ركنين من أركان الرواة عن ابن عباس، فزادت قوة بما يظن أنه يوهنها، ولذلك اعتمدها أئمة التفسير بالمأثور كابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما. اهـ.
فتعقبه فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني بقوله: ما ذكر فضيلته في رواية علي عن ابن عباس وجيه إن ثبت أن بينهما مجاهد وسعيد، ولكن أَيْنَ السند بذلك؟. وما ذكره من اعتماد ابن جرير وابن أبي حاتم لروايته عن ابن عباس فيه نظرة فإن مجرد الاعتماد على الرواية لا يدلُّ عَلَى ثبوت إسنادها؛ لجواز أن يكون هناك ما يشهد لها من سياق أو سبب نزول أو غير ذلك مما يسوغ به الاعتماد على الرواية مع كون إسنادها في نفسه ضعيفًا.
على أنه ليس من السهل إثبات أن الإمامين المذكورين اعتمدا هذه الرواية في كل متونها، اللهم إن كان المقصود بالاعتماد المذكور إنما هو إخراجهما لها، وعدم الطعن فيها، وحينئذٍ فلا حجة في ذلك لثبوت إخراجهما لكثير من الروايات بالأسانيد الضعيفة. اهـ.
أقول:
قد أطلق المتقدمون أن عليّا أرسل عن ابن عباس ولم يسمع منه، وممن قال ذلك: ابن معين، ودحيم، وأبو حاتم الرازي، وابن حبان، وأبو أحمد الحاكم، ونقل الخليلي في "الإرشاد" (١/ ٣٩٤) إجماع الحفاظ على ذلك.
ولم يذكر أحدٌ ممن أسلفنا ذكره ولا غيرهم أن عليا إنما حمل تفسير ابن عباس عن مجاهد أو سعيد ابن جبير.
بل قال يعقوب بن إسحاق بن محمود الفقيه: سئل -يعني صالح بن محمد (جزرة) - عن علي بن أي طلحة: ممن سمع التفسير؟ قال: مِنْ لا أَحَدَ، وروى عنه الثقات، مثل بديل بن ميسرة، والحكم ابن عتيبة، وداود بن أبي هند، ومعاوية بن صالح، وسفيان الثوري. فلا أدري هو كوفي، أو شامي أو بصري، لأنه روى عنه الكوفيون والشاميون وغيرهم اهـ. "تاريخ بغداد" (١١/ ٤٢٨ - ٤٢٩).
والأقرب أن يكون مقصوده بقوله: "مِنْ لا أَحَدَ" أي مِنْ لا أَحَدَ معيَّن، وإنما سَمعه من هاهنا وهاهنا.
ويبعد أن يحمل كلامه على ظاهره فيكون مقصوده أنه ما سمعه من أحدٍ أصلا، وإنما رواه عن ابن عباس -يعني افتراء وكذبًا، ويؤيدُ هذا البُعْدَ قولُه: وروى عنه الثقات .. وكذلك فإنه لم يرمه أحدٌ من الأئمة بشيء من ذلك، وإن ضعفه بعضهم.
وقال أبو أحمد الحاكم في "الكنى" (٣ / رقم (١٣٧٢)، وهو كذلك في مصورة الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة (ق ٧٧ / ب): "لم يسمع من ابن عباس شيئًا، ولا يتابع في تفسيره عن ابن عباس". وقال الذهبي في ترجمة علي بن أبي طلحة من "تاريخ الإسلام": قال أبو أحمد الحاكم: ليس ممن يعتمد على تفسيره الذي يُروى عن معاوية بن صالح عنه". =

<<  <  ج: ص:  >  >>