للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال (ص ١٢٦): "إنما كان كعب يخبر عن صحف أهل الكتاب، وقد عرف المسلمون قاطبة أنها مغيرة مبدلة، فكان ما نسب إليه في الكتب فحكمه حكم تلك الصحف، فإن كان بعض الآخذين عنه ربما يحكي قوله ولا يسميه فغايته أن يُعدّ قولًا للحاكي نفسه، وقولُه غير حجة".

وقال (ص ١٢٧): "إنما كان كعب وغيره يحكون تنبؤات عما يستقبل من الأمور فيعلم الصدق أو الكذب بوقوعها وعدمه.

والظاهر أنه كان عند كعب صحف فيها تنبؤات مجملة، وكانت له مهارة خاصة في تفسيرها، وبذلك كان أكثر صوابًا من غيره .. والذي يصح عنه من ذلك قليل، غير أن الوضاعين بعده استغلوا شهرته بذلك فكذبوا عليه كثيرًا لأغراضهم، وكان الكذب عليه أيسر عليهم من الكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم-".

وقال (ص ١٣٢): "أما من أسلم من أهل الكتاب وظهر حسن إسلامه وصلاحه فأخبر عن صحف أهل الكتاب بشيء فلا إشكال في تصديق بعض الصحابة له في ذلك بمعنى ظن أن معنى ذاك الخبر موجود في صحف أهل الكتاب.

وإنما المدفوع تصديق الصحابة ما في صحف أهل الكتاب حينئذٍ مع علمهم بأنها قد غُيرت وبُدلت وقولِ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم".

فالحق أنهم لم يكونوا يصدقونها إلا أن يوجد دليل على صدقها، وذلك كخبر عبد الله بن عمرو عن صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- في التوراة، ولذلك أقسم عليه، فأما ما عدا ذلك فغاية الأمر أنهم إذا وجدوا الخبر لا يدفعه العقل ولا الشرع ولا هو مظنة اختلاق أهل الكتاب وتحريفهم أنسوا به. فإن كان مع ذلك مناسبًا في الجملة لآية من القرآن أو حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مالوا إلى تصديقه.

وإخبار الإنسان عما علم السامعون أنه لم يدركه لا يعطي أنه جازم بتصديقه، لأن هذا الخبر كالمتضمن لقوله "بلغني .. ". اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>