للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلمة أقرب إلى الإطراء البالغ منها إلى الذم، فقد روى عن محمد بن جابر من يعتقد أحمد وغيره أنهم أفاضل عصرهم وخيار أهل زمانهم مثل أيوب بن أبي تميمة السختياني وعبد الله بن عون وسفيان الثوري وعبد الله بن المبارك وآخرين، فلا معنى لأن يقال: إن هؤلاء شر منه إلا إطراؤه بأنه خير منهم (١) وعلى كل حال


= فقول ابن حجر: قال أحمد بن حنبل، قولٌ مستأنفٌ، لا علاقة له بابن حبان؛ وقول ابن حبان الذي نقله ابن حجر، قد قاله في كتاب "المجروحين" (٢/ ٢٧٠) ولا أثر فيه للنقل عن أحمد ولا غيره هذه الكلمة. وإنما أُتى الشيخ المعلمي من جهة أنه لم يَرَ كتاب "المجروحين" فاعتمد على "التهذيب". ثم إنه يظهر لي أن في نسبة هذا القول لأحمد وهمًا، قد سبق ابن حجر فيه: الذهبيُّ في غير موضع من كتبه، فأخشى أن يكون ابن حجر قد تابعه فيه.
وذلك أني فتشت في الكتب التي تُعنى بنقل أقوال الإمام أحمد في الرواة، فلم أجد هذا القول عنه، وإنما وجدت في كتاب "العلل ومعرفة الرجال" لأحمد (١/ ١٤٥) قال عبد الله بن أحمد: سألت يحيى بن معين عن محمد بن جابر، فذمَّهُ، وقال: ما يحدث عنه إلا من هو شرٌّ منه، ومثله في الموضع (١/ ٥٢) وفيه: فغلَّظَ فيه وقال: .. فدخول الوهم على الناظر في هذا الكتاب محتمل؛ لأن أكثر نقل عبد الله فيه إنما هو عن أبيه، واحتمال أن يصح القول عن أحمد وابن معين ليس بالممتنع، إلا أن فيه بُعْدًا؛ لاسيما مع قيام القرينة على الوهم، والله تعالى أعلم.
(١) في هذا نظرٌ من وجوه:
الوجه الأول: سَبَق النقل عن عبد الله بن أحمد أنه صَدَّر حكايته عن ابن معين بقوله: "فذمَّه" وفي موضع آخر: "فغلَّظ فيه" وهذا أقطعُ للاحتمال وأَبْيَنُ في مراد ابن معين من هذه الكلمة؛ أنه أراد بها الذمَّ، لا الإطراء.
الوجه الثاني: اجتماع كلمة النقلة عن ابن معين -بل وأحمد- على تضعيف ابن جابر وذَمِّه.
قال الدوري في "تاريخه" (٢/ ٥٠٧) عن ابن معين: "كان محمد بن جابر أعمى. قلت ليحيى: فإنما حديثه كذا لأنه كان أعمى؟ قال: لا، ولكنه عمي واختلط عليه، وكان محمد بن جابر كوفيًا انتقل بلى اليمامة. قلت: أيوب أخوه، كيف حديثه؟ قال: ليس هو بشيء، ولا محمد. قلت: أيهما كان أمثل؟ قال: لا، ولا واحد منهما".
وبنحوه قال الدارمي عنه. "تاريخه" الترجمة (٧٤٢).
وقال ابن طهمان عنه: لا يكتب حديثه، ليس بثقة. "سؤالاته" الترجمة (٩٤، ٣٧٥).
وبنحوه قال ابن الجنيد عنه. "سؤالاته" (٢٣٢، ٤٤٨) وقال معاوية بن صالح عنه: ضعيف. "الكامل" لابن عدي (٦/ ٢١٥٨). =

<<  <  ج: ص:  >  >>