للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحكاية منقطعة منكرة (١).

فأما تضعيف ابن معين وغيره له فلأمور:

الأول: أنه كان سيء الحفظ يتعاطى الرواية من حفظه فيغلط.

الثاني: أنه اختلط عليه حديثه، قاله ابن معين ..

الثالث: أن كتابه ذهب بأخرة فتأكد احتياجه إلى أن يروي ما علق منه بحفظه وهو سيء الحفظ.

الرابع: أن إسحاق بن الطباع قال: "حدثت محمدًا يومًا بحديث، قال: فرأيت في كتابه ملحقًا بين سطرين بخط طري".

والرجل كان أعمى فالمُلْحِق غيره حتمًا. ورواية الأجلّة عنه وشهادة جماعة منهم له بأنه صدوق تدل أن الإلحاق لم يكن بعلمه.

فأما قول ابن حبان: "كان أعمى يلحق في كتبه ما ليس من حديثه ويسرق ما ذُوكر به فيحدث به" فإنما أخذه من هذه القضية، وقد بأن أن الإلحاق من غيره، وإذا كان بغير علمه كما يدل عليه ما سبق فليس ذلك بسرقة (٢).


(١) بل الحكاية ثابتة عن ابن معين كما سبق، ولا نكارة فيها البتة، بعد ثبوت حملها على ذم ابن جابر، كما بيناه آنفًا.
(٢) قد يُلْحِقُ الرجلُ في كتابه لمعان غير السرقة، ولا يَمنعُ من إلحاقه بعلمه أن يكون أعمى؛ إذ قد يأمر بذلك مَنْ يُلحقُ له.
وقد ترجم الشيخ المعلمي نفسه لقطن بن إبراهيم من "التنكيل" رقم (١٨١)، وقد اتُّهِم قطن بسرقة حديث عن حفص بن غياث وجدوه ملحقًا في الحاشية، فقال المعلمي رحمه الله: "لا يمتنع أن يكون قد سمع الحديث من حفص، ثم نسيه، أو خفي عليه أنه غريب .. ثم ذكره وتنبَّه لفرديته فرواه. وقد يكون كتبه بعد أن سمعه في الحاشية، أو لا يكون (كتبه) أوَّلا، ثم لما ذكر أنه سمعه أو عرف أنه غريب ألحقه في الحاشية .. " اهـ.
أقول: سواء كان الإلحاق بعلم ابن جابر -وحُمل على غير السرقة- أو كان بغير علمه، فقد كان الرجل سيء الحفظ، وكان اعتماده على كتبه، ثم عمي، فَوُجد في كتبه أشياء ألحقت فيها، واختلط =

<<  <  ج: ص:  >  >>