من قول ابن نمير الذي ارتضاه أبو زرعة وغيره: هو أن مروان سمع تلك الأحاديث من معاوية بن هشام عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت ومنصور وغيرهما، فرواها مروان مدلِّسًا لاسم شيخه ومدلِّسًا التسوية بإسقاطه الثوري، وروايتها عن معاوية عن حبيب ومنصور وغيرهما. وأن ابن نمير لم يفطن لذلك فقال ما قال تظنيًا، ورضي ذلك أبو زرعة وغيره كابن عقدة ولم يفطنوا للواقع".
ويرِدُ على هذا أمور:
منها: أن مروان وإن عرف بتغيير أسماء بعض شيوخه، فلم يُعْرفْ بتدليس التسوية ولم يوصف به.
ومنها: أن ابن نمير ثبت متقن فاضل؛ إليه المنتهى في معرفة شيوخ الكوفيين، حتى كان أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يقولان فيهم ما يقوله، والثوري كوفي، وجاره -إن كان- كوفي، ومعاوية بن هشام كوفي، وقد صحب ابن نمير جماعة من أصحاب الثوري، وروى عنهم، وكان معاوية بن هشام معه في البلد، وعرف مروان وروى عنه، وقد جزم بأن معاوية بن أبي العباس كان جارًا للثوري، وجرى له كيت وكيت.
ومنها: أن الحديث عن معاوية بن هشام منتشر مشتهر، فلو كان مروان إنما روى تلك الأحاديث عنه لظفر الحفاظ بعدد منها، قد رواه غير مروان عن معاوية بن هشام على الوجه كما رواه مروان عن معاوية بن أبي العباس مُسوًّى.
فأين ابن نمير ومعرفته بحديث الكوفة؟ أو أين أبو زرعة وسعة حفظه؟ وأين ابن عقدة وما وصفه به الخطيب في أوائل "الموضح" من العلم البالغ بأهل الكوفة مع تبحر حفظه؟ وكذلك أين أبو طالب والدارقطني وعبد الغني والخطيب؟.
فالظاهر أنهم لو وجدوا شيئًا من ذلك لشدُّوا به ذاك القيل.
وفي هذا وما دونه ما يكفي لتوهين تظني أبي طالب، وإن قوّاهُ الدارقطني والله الموفق. اهـ.