ومما يؤيد هذا المعنى أن هشامًا قد تُوبع في روايته عن ابن سميع عن ابن أبي ذئب، روى ذلك ابن عدى في "الكامل" فقال: حدثنا أبو العلاء الكوفي ومحمد بن العباس قالا: ثنا هشام ابن عمار، وثنا الفضل بن عبد الله بن مخلد ثنا هارون بن محمد بن بكار بن بلال قالا: ثنا محمد بن عيسى بن سميع أبو سفيان القرشي، عن ابن أبي ذئب عن الزهري .. الحديث فقد تابع هشامًا على ذكر العنعنة بين ابن سميع وابن أبي ذئب: هارون بن محمد هذا، وهو صدوق لا بأس به. وممن جزم بهذا أيضًا: الذهبي، فقال في ترجمة ابن سميع من "ميزان الاعتدال": "قد أُنْكِرَ عليه حديث مقتل عثمان، وهو في كتابه عن إسماعيل بن يحيي بن عبيد الله -أحد الضعفاء- عن ابن أبي ذئب، فرواه على سبيل التدليس عن ابن أبي ذئب، وأسقط إسماعيل". اهـ. بل ساق الذهبي في ترجمة ابن سميع من "تاريخ الإسلام" رواية صالح جزرة عن هشام بن عمار قال: جهدت به أن يقول: ثنا ابن أبي ذئب، فأبى إلا أن يقول: عن ابن أبي ذئب. وهذا صريح من إيراد الذهبي للحكاية أنه فَهِمَ أن قائل: "جهدت به الجهد" إنما هو هشام بن عمار، لا صالح جزرة. وفَهْمُ الحافظ ابن حجر خلاف ذلك -وعليه بَنَى المعلمي- ليس عليه مستند ولا له سلف من أقوال أهل العلم. وإيرادُه في تهذيبه قول أبي داود في ابن سميع "لا بأس به" عقب سؤال عيسى بن شاذان لهشام بن عمار -واستأنس بذلك المعلمي وبنى عليه استشعاره بتبرئة أبي داود لابن سميع- مخالفٌ لسياق أصل تهذيبه وهو "تهذيب الكمال" للمزي، ولسياق أصل النقل وهو سؤالات الآجري لأبي داود، وهاك البيان: - قال الآجري "سؤالاته" المطبوع (٢ / رقم ١٥٩٢): سألت أبا داود عن محمد بن عيسى بن سميع، فقال: ليس به بأس، إلا أنه كان يتهم بالقدر. - قال أبو داود: سمعت هشام بن عمار نا محمد بن عيسى الثقة المأمون. - قال أبو داود: قال لي عيسى بن شاذان: قلت لهشام بن عمار: حديث ابن أبي ذئب قال لكم فيه ابن سميع: نا ابن أبي ذئب قال: أيش سؤالك عن هذا؟. اهـ. وبمثل هذا السياق في "تهذيب الكمال" المطبوع (٢٦/ ٢٥٥ - ٢٥٦). =