ويوضح ذلك ويؤكده ما ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح" أيضًا: سألت أبي وأبا زرعة عن ابن لهيعة .. فقالا: ابن لهيعة أمره مضطرب، يكتب حديثه على الاعتبار. قلت لأبي: إذا كان من يروي عن ابن لهيعة مثل ابن المبارك وعبد الله ابن وهب يحتج به؟ قال: لا". اهـ. (ص ٤١٨ - ٤١٩).
٣٥ - ما حدث به ابن أبي الزناد ببغداد، فقد لقنه البغداديون وأفسدوه فصار ما يحدث به ليس من حديثه، أما ما حَدَّث به بالمدينة فهو صحيح: أي هو من حديثه لم يُلَقَّنْهُ، ويبقى النظر في حال ابن أبي الزناد في نفسه، لَا أَنَّ ما حدث به في المدينة فهو حديث صجيح أي يحتج به (ص ٤٣٩).
٣٦ - الأئمة لا يعتبرون بما يحدث به الرجل إلا إذا كان من حديثه، لم يُلَقَّنْهُ أو يُدخلْ عليه أو يَدْخلْ له إسناد في إسناد، أو نحوه، ولذلك يميزون أولًا بين ما هو من حديثه الذي سمعه, وبين ما ليس من حديثه، لأنَّ ما ليس من حديثه ريح لا قيمة له، ثم ينظرون في حديثه بالسَّبْرِ والاعتبار وعرضه على أحاديث الثقات. من ذلك ما رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (١١/ ٤٨) من طريق القاسم بن عبد الرحمن الأنباري، قال: حدثنا أبو الصلت الهروي، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها، فمن أراد العلم فليأت بابه".
قال القاسم: سألت يحيى بن معين عن هذا الحديث، فقال: هو صحيح.
قال الخطيب: أراد أنه صحيح من حديث أبي معاوية, وليس بباطل، إِذْ قد رواه غير واحد عنه. اهـ.
ومقصود ابن معين فيما رواه القاسم عنه أن الحديث معروف من حديث أبي معاوية، لم ينفرد به أبو الصلت الهروي عنه، بل قد تابعه عليه محمد بن جعفر الفيدي، كما قاله ابن معين في رواية الدوري "تاريخ بغداد" (١١/ ٥٠).