أَراد السُّنَة وأهلَها وأئمتَها بِسُوءٍ, وأنَّ الشيخَ: قد كَشَفَ عن انْحِرافِ مَنِ انْحَرَفَ عن أهل السنة عقيدة ومنهجًا، وعن أئمة الحديث تصحيحًا وتعليلا، بأُطْرُوحَاتٍ عِلْمِيَّةٍ مُتَّزِنَةٍ، بناها على الاستقراء والبحث الدءوب.
وأَن الله تعالى قد كشف به ما تَفَشَّى من داء التساهل الذي أصاب أنظارَ كثير من المتأخرين والمعاصرين في الحكم على الرواة والأخبار، فنراهم قد توسَّعُوا في الاعتماد على ظواهر الأسانيدِ دُونَ التفتيشِ عن عِلَلِها ومَظِنَّاتِ الخلل فيها، بل ونَلْحَظُ قُصورًا في الرجوع إلى كُتب المتقدمين المعنيّة ببيان ما أصاب الأخبارَ من تفردات الرواة وأوهامهم ... إلى آخر ما تراه في تلك المقدمة.
ثم صَنَعْتُ هناك تمهيدًا في تعظيم قدر أئمة النقد، جعلته كرسالة إلى كل مَنْ يُطالِعُ هذا الكتاب أو غيره من كتب الفَنِّ المعنيَّة بعلم الحديث والأثر، وإلى كل من يَرُومُ سُلُوكَ سَبيلِ أهل النَّقْد، أو ينظر في كلامهم، ولِتَكُونَ إبرازًا لِمَا اخْتَصَّ اللَّه تعالى به مُتَقَدِّمِي هذه الأمة في هذا الصَّدَد من المنهج السديد الذي لا يَسَعُ مَنْ جاء بعدهم -إذا أراد أن يَسْلُكَ هذا السبيلَ- إلا أن يقْفُوَ أثرَهم، ويلتمِسَ خُطاهم.