وقع فيه من هذا الضرب لكثرته، ولأن كثيرًا منه يبعد جدًّا أن يقع من البخاري بعضه فضلًا عن كثيرٍ منه، وتبين لي أن معظم التبعة في هذا الضرب على تلك النسخة التي وقعت للرازيين، وعلى هذا فوق ما تقدم شاهدان:
الأول: أن الخطيب ذكر في "الموضح"(ج ١ ص ٧) هذا الكتاب ثم قال: "وقد حكى عنه في ذلك الكتاب أشياء هي مدونة في تاريخه على الصواب بخلاف الحكاية عنه" وقد وقف الخطيب على عدة نسخ من التاريخ مختلفة الأسانيد إلى البخاري.
والثاني: أن أبا حاتم -وهو زميل أبي زرعة، ولابد أن يكون قد اطلع على تلك النسخة، وعرف حالها- يقول في مواضعَ كثيرة من هذا الكتاب:"وإنما هو غلط من الكاتب"، أو نحو هذا، راجع رقم ١٠، ٣١، ٤٢، ٦٦، ٨٩، ٢١٠، ٢٢٩، ٢٣٠، ٢٣٩، ٤٠٤، ٤٦٠، ٤٧٢، ٦٠٩، يعني أن الخطأ فيها ليس من البخاري ولا ممن فوقه، وإنما هو من كاتب تلك النسخة التي حكى عنها أبو زرعة، وثَمَّ مواضع أكثر مما ذكره الحملُ فيها على الكاتب أوضحُ.
قد يُعترض هذا بما في أولِ هذا الكتاب عن أبي زرعة:"حَمل إليَّ الفضلُ بنُ العباس المعروف بالصائغ كتابَ "التاريخِ"، ذكر أنه كتبه من كتاب محمد بن إسماعيل البخاري، فوجدت فيه ... " والفضل بن العباس الصائغ حافظٌ كبيرٌ يبعد أن يخطىءَ في النقل ذاك الخطأ الكثير، وقد ذكر أنه كتب من كتاب البخاري، والظاهر أنه يريد به نسخة البخاري التي تحت يده والأوْجُهُ التي تُحملُ التبعةُ على تلك النسخة توجب أحدَ أمرين:
الأول: أن يكون الفضل بن العباس حين نَقل النسخة لما يستحكم علمه، وقد تكون نسخة البخاري حين نقل منها لا تزال مسودة، فنقل ولم يسمع ولا عرض ولا قابل.