وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:"ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئًا فخذوا به؛ فإني لن أكذب على الله"، و"إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به" واضح الدلالة على عصمته -صلى الله عليه وسلم- من الكذب خطًا فيما يخبر به عن الله وفي أمر الدين. اهـ.
قال أبو أنس:
قضية ترتيب مسلم روايات الحديث بحسب القوة قد تعرض لها مسلم في مقدمة "صحيحه"، نورد نصه في ذلك، ثم نعرج على كلام أهل العلم حيال كلامه هناك، ثم نذكر طرفا مما وقفنا عليه من الفوائد المتعلقة بهذه القضية.
قال الإمام مسلم: في مقدمة "صحيحه"(ص ٤):
" ... ثم إنا -إن شاء الله- مبتدئون في تخريج ما سألتَ وتأليفِه على شريطةٍ سوف أذكرها لك، وهو أنا نعمد إلى جملةِ ما أُسند من الأخبار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فنقسمها على ثلاثة أقسام، وثلاث طبقات من الناس، على غير تكرار، إلا أن يأتي موضعٌ لا يُستغنى فيه عن ترداد حديثٍ فيه زيادةُ معنًى، أو إسنادٌ يقع إلى جنب إسناد، لِعلةٍ تكون هناك؛ لأن المعنى الزائد في الحديث المحتاج إليه يقوم مقام حديثٍ تام، فلابد من إعادة الحديث الذي فيه ما وصفنا من الزيادة، أو أن يفصل ذلك المعنى من جملة الحديث على اختصاره إذا أمكن، ولكن تفصيله ربما عَسُر من جملته، فإعادته بهيئته إذا ضاق ذلك أسلمُ، فأما ما وجدنا بدا من إعادته بجملته من غير حاجة منا إليه فلا نتولى فعله إن شاء الله.
فأما القسمُ الأول فإنا نتوخى أن نقدم الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها وأنقى من أن يكون ناقلوها أهلَ استقامةٍ في الحديث وإتقانٍ لما نقلوا، لم يوجد في روايتهم اختلافٌ شديد، ولا تخليطٌ فاحش، كما قد عُثر فيه على كثير من المحدثين، وبان ذلك في حديثهم.