وكذلك أيضًا عِلَل الحديث التي ذكر ووعد أنه يأتي بها: قد جاء بها في مواضعها من الأبواب؛ من اختلافهم في الأسانيد، والإرسال والإسناد، والزيادة والنقص، وذكر تصاحيف المصحفين، وهذا يدل على استيفائه غرضه في تأليفه وإدخاله في كتابه كما وعد به.
وقد فاوضتُ في تأويلي هذا ورأيي فيه مَن يفهم هذا الباب، فما وجدت منصفا إلا صوَّبه وبأن له ما ذكرتُ، وهو ظاهرٌ لمن تأمَّل الكتابَ وطالع مجموعَ الأبواب، والله الموفق للصواب.
ولا يعترض على هذا ما نقلتُ عن ابن سفيان من أن مسلما خرج بثلاث كتب، فإنك إذا تأملت ما ذكر ابن سفيان لم يطابق الغرض الذي أشار إليه الحاكم مما ذكر مسلم في صدر كتابه، فتأمله تجده كذلك إن شاء الله". اهـ.
ثم قال -شارحا لقول مسلم: "وسنزيد إن شاء الله شرحا وإيضاحا ... "-:
"قيل: هذا الكلام الذي وعد به ليس منه شيء في الكتاب، وأنه مما اخترمته المنية قبل جمعه، إذ ما أدخله في كتابه من "الصحيح" المتفق عليه ليس يحتاج إلى شيء من الكلام عليه؛ لعلو رتبته، وقلة غلط رواته؛ وحفظهم وإتقانهم، وقد قدمنا الكلام عليه، وأنه قد ذكره في أبواب". اهـ. كلام القاضي.
وقد نقل النووي في شرح "صحيح" مسلم عن القاضي قوله في بعض أحاديث "الصحيح": "هذا الإسناد من الأحاديث المعللة في كتاب مسلم التي يبين مسلم علتها كما في خطبته، وذكر الاختلاف فيه" (٤/ ٢٦).
وفي موضع آخر عنه: "هذا وشبهه من العلل التي وعد مسلم في خطبة كتابه أنه يذكرها في موضعها، فظن ظانون أنه يأتي بها مفردة، وأنه تُوفي قبل ذِكرها، والصواب أنه ذكرها في تضاعيف كتابه كما أوضحناه في أول هذا الشرح" (١١/ ٨١).