وفي حكاية أكثرهم قوله -صلى الله عليه وسلم- يومئذ:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا تنخسفان لموت أحد ولا لحياته" دلالةٌ على أنه إنما صلاها يوم توفي ابنه، فخطب وقال هذه المقالة ردا لقولهم: إنما كسفت لموته.
وفي اتفاق هؤلاء العدد مع فضل حفظهم دلالةٌ على أنه لم يزد في كل ركعة على ركوعين، كما ذهب إليه الشافعي ومحمد بن إسماعيل البخاري رحمها الله تعالى". اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (٢/ ٥٣٢) فيما زاد على الصفة الأولى:
"لا يخلو إسنادٌ منها عن علة، وقد أوضح ذلك البيهقي وابن عبد البر، ونقل صاحب الهدي -يعني ابن القيم في زاد المعاد (١) - عن الشافعي، وأحمد، والبخاري أنهم كانوا يعدون الزيادة على الركوعين في كل ركعة غلطا من بعض الرواة، فإن أكثر طرق الحديث يمكن رد بعضها إلى بعض، ويجمعها أن ذلك كان يوم مات إبراهيم، وإذا اتحدت القصة تعين الأخذ بالراجح ... " ثم ذكر الأقوال الأخرى في المسألة.
أقول:
لا محيصَ من فَهْمِ طريقة مسلم في عرض تلك الروايات تقديما وتأخيرا بناءً على طريقته التي صرح هو نفسه بها -ولم يذكرها عنه أحدٌ نظرا أو استقراءً- أنه يبدأ بالأخبار التي هي أسلم من العيوب، مع قرينةِ إخراجه عقب ذلك لطرق الحديث التي تشتمل فقط على قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن الشمس والقمر ... وفي بعضها التصريح بأن ذلك يوم مات إبراهيم كما سبق، على ما سلف شرحه ونقله عن البيهقي وغيره، مع اشتمال بعض ما قدمه من الأحاديث على هذه المعاني.