لكنه قدم رواية عبد الأعلى التي وقع فيها الإدراج، مع إرادته التنبيه على الوهم الواقع فيها، فتحصل من ذلك أن مسلما كأنه يرى أن الاختلاف في هذا الحديث ليس من الرواة عن داود، بل من داود نفسه، اضطرب فيه، فكان يحدث به تارة مدرجا، وتارة مفصلا، وروى كل واحد ما سمعه منه.
وداود قال الأثرم عن أحمد: كان كثير الاضطراب والخلاف.
يؤكد ذلك أن محمد بن أبي عدي البصري قد رواه عن داود إلى قوله: وآثار نيرانهم. ثم قال: قال داود: ولا أدري في حديث علقمة أو في حديث عامر أنهم سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك الليلة الزاد.
أسنده البيهقي في "سننه الكبرى"(١/ ١٠٩) إلى ابن أبي عدي.
فوضح أن داود كان أحيانا يصرح بِشَكِّهِ في هذا القَدْر، عمَّن هو؟
إذًا، فقد كان يحدث به على ثلاث صور: الجزم بالتفصيل، والجزم بالإدراج، والشك فيه.
يبين ذلك أيضا أنه قد رواه:
يزيد بن زريع عند البزار في "مسنده"(٥/ ٣٥).
ويحيى بن أبي زائدة عند ابن خزيمة (٨٢) وابن حبان (١٤٣٢).
ووهيب بن خالد عند أبي داود الطيالسي (١/ ٣٧) -وجمعه مع يزيد-.
ثلاثتهم: عن داود بالإدراج، فوافقوا عبد الأعلى في روايته.
ورواه النسائي من طريق يحيى بن أبي زائدة (٦/ ٤٩٩) وكذلك الطحاوي في شرح المعاني (١/ ٩٦) مثلما حدث به ابن إدريس، لم يذكر القدر المدرج أصلا.