وهو الذي يشتمل على جهره -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الفجر بالقراءة، وهو المقصود بهذا الباب، وقد استفيد من قوله: فلما سمعوا القرآن استمعوا له.
ثم أتبعه مسلم بحديث علقمة عن ابن مسعود، وقد وقع فيه الاختلاف المذكور في قول الشعبي.
وكذلك فليس فيه إلا مطلق قراءته -صلى الله عليه وسلم- القرآن عليهم، دون ذكر لصلاة الصبح، فإيراد هذا الحديث هنا هو على سبيل الاستطراد، وليس مقصودا لهذا الباب؛ لخلوه من محل الشاهد.
وكذلك فإن فيه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أتاني داعي الجن فذهبت معه، فقرأت عليهم القرآن". وهو مخالف لحديث ابن عباس.
وجمع البيهقي بأن ما حكاه ابن عباس إنما هو أول ما سمعت الجن قراءة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلمت حاله، وفي ذلك الوقت لم يقرأ عليهم ولم يرهم، ثم بعد ذلك أتاه داعي الجن فقرأ عليهم القرآن، ودعاهم إلى الله عز وجل، كما رواه عبد الله بن مسعود.
وكذلك ذهب الحافظ في "الفتح" إلى تعدد القصة، وليس هذا محل تحقيق هذه القضية، لكن المراد هنا هو تأمُّل طريقة عرض مسلم للخلاف في هذا الحديث.
وواضح من الروايات التي ساقها مسلم أن الخلاف في هذا الحديث هو على داود بن أبي هند، وهو بصري، ساقه مسلم من طريق ثلاثة عنه؛ هم عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري، وإسماعيل بن علية كذلك، وعبد الله بن إدريس الكوفي، وجميعا ثقات أثبات.
ولو قدَّم مسلمٌ روايةَ ابن علية وابن إدريس وأخَّر رواية عبد الأعلى، لكان مقتضاه تخطئته لعبد الأعلى فيه.