وسيأتي في الفصول الآتية شرحُ ما يدفعُ هذا الإيهامَ، ويُبَيِّنُ وَجْهَ الحكم عليه في الحالتين إن شاء الله تعالى.
وخلاصة ذلك: أنه وإن كان يتساهل في توثيق من لم يَعرف من حالهم شيئًا بناءً على البراءة الأصلية عنده، فإنه ربما تعنَّت فيمن وقف له على حديث منكر أو أكثر ممن وثقه جمهور الأئمة، فلا هو بالمتساهل مطلقًا، ولا هو بالمتعنت مطلقًا، ولِكُلِّ مقامٍ مقالٌ، فلا تعارض ولا إيهام، ويأتي تفصيل ذلك قريبًا، والله الموفق.
ومما يبُيّنُ منزلةَ ابن حبان عند الشيخ المعلمي، مع ما سيأتي من تفصيل قوله فيه:
(١)
أنه قابلَ قولَ أبي زرعة وأبي حاتم بقول ابن حبان في القاسم بن أُمية؛ ففي تعليق المعلمي على "الفوائد المجموعة"(ص ٢٦٥):
"ذكر الرازيان أنه -يعني القاسم بن أمية- صدوق. وقال ابن حبان: يروي عن حفص بن غياث المناكير الكثيرة، ثم ساق له هذا الحديث (١). وقال: لا أصل له من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال ابن حجر: شهادة أبي زرعة وأبي حاتم أنه صدوق أَوْلى.
أقول: بل الصواب تتبع أحاديثه، فإن وُجد الأمر كما قال ابن حبان ترجَّح قولُه وبان أن هذا الرجل تغيَّرت حالُه بعد أن لقيه الرازيان، وإلا فكونه صدوقًا لا يدفع عنه الوهمَ، وقد تفرد بهذا". اهـ.
(١) يعني حديث: "لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك".