فهاك منهجٌ للمعلمي تُضربُ له أكبادُ الإبل، وهو: أن الجرحَ المُفسَّرَ المُبَرْهَنَ عليه لا يُدفعُ بالتعديل المطلق، مهما تفاوتَ قدرُ الجارح والمعدِّل، بل ربما كان مع الجارح زيادةُ علمٍ أو غيرها من الملابسات، هذا حتى ولو كان الجارح معروفًا بالتعنت والمجازفة في الجرح.
وأوضحُ من ذلك في إرساء هذا المنهج ما ذكره الشيخ المعلمي في ترجمة مهنأ بن يحيى من "التنكيل" رقم (٢٥٥) إذ قال فيه أبو الفتح الأزدي: "منكر الحديث".
فقال الشيخ المعلمي:"الأزدي نفسه متكلم فيه حتى رُمي بالوضع ... و ... في عبارة ابن الجوزي في "المنتظم" (٨/ ٣٦٨): ذكر -يعني الخطيب- مهنأ بن يحيى، وكان من كبار أصحاب أحمد، وذكر عن الدارقطني أنه قال: مهنأ ثقة نبيل، وحكى ... عن أبي الفتح الأزدي ... وهو يعلم أن الأزدي مطعون فيه عند الكُلِّ ... فلا يستحيي الخطيب أن يقابلَ قولَ الدارقطني في مهنأ بقول هذا ثم لا يتكلم عليه؟
أقول: عفا الله عنك يا أبا الفرج ... وعليك في كلامك هذا مؤاخذات: ...
الرابعة: أن الأزدي ذكر مُتَمَسَّكَهُ، فلا يسوغُ ردُّ قوله إلا ببيانِ سقوطِ حجته.
أما متمسك الأزدي فهو أن مهنأ روى عن زيد بن أبي الزرقاء، عن سفيان الثوري، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن جابر حديثًا في الجمعة، ولا يُعلم رواه أحدٌ غيره عن زيد بن أبي الزرقاء، ولا أحد غير زيد بن أبي الزرقاء عن سفيان الثوري، فلا يُعرف عن الثوري إلا بهذا الإسناد ... فلو كان ابن الجوزي نظر في هذا الحديث وحَقَّقَ، لكان أَوْلَى به مما صنع، وعلى كل حال فغاية ما في الباب أن يكون مهنأ أخطأ في سند هذا الحديث، فكان ماذا؟ وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "كان من خيار الناس في حديث أحمد بن حنبل وبشر