للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد، فقد أبانَ ابنُ حبان عن منهجه، وأفصح عن طريقته، وتبين من صريح كلامه، وأكَّده الحافظ ابن حجر، أن في كتاب "الثقات" جملةً وافرةً مِمَّن ذكرهم ابن حبان على البراءة الأصلية في تعديل المسلمين، خلافًا لجمهور أهل العلم الذين اعتبروا هذا الضرب من الرواة في حَيِّز الجهالة.

وقد سبقت بعض النكات المتعلقة بحدود "الجهالة" في ترجمة أبي حاتم الرازي من هذا الكتاب.

والمقصود هنا أن ابن حبان قد وضع شروطًا لتوثيق الرواة تَقْصُرُ عن الشروط المعتبرة عند أئمة الحديث.

أقول:

مع ما سبق من صريح كلام ابن حبان فقد أفاد بعض الباحثين أن ابن حبان لا ينبغي أن يُنسبَ له توثيقُ أحدٍ ممن ذكرهم في "الثقات" إلا إذا ضمَّن ترجمته تعديلا صريحا؛ كان يصفه بالثقة أو التثبت أو الإتقان أو اليقظة، ونحو ذلك، أما غير هذا فإنه لم يقصد توثيقه، إنما أراد فهرسة ما وقف عليه من رواة الأسانيد، وهذا بلا شك أَعَذْرُ لابن حبان، وأرفعُ للإشكال؛ وهو أمرٌ مرغوبٌ فيه، إلا أنه لا يُساعد عليه صريحُ كلامِ ابن حبان.

وعلى كل حالٍ، فالمحصلة بالنسبة إلينا واحدة، وقد سبقت مراتب الاعتماد على ابن حبان في توثيق الرواة، والله تعالى الموفق.

وقد أجاد الشيخ العلامة المعلمي في تعليقاته النفيسة على كتاب "الفوائد المجموعة" للشوكاني، إذ وضع الأمور في نصابها، وأعطى كتاب "الثقات" حَقَّهُ وأنزله منزلته.

<<  <  ج: ص:  >  >>