وهذا وإن لم يتعرض ابن حبان لاشتراطه، فهو إن وجده كذلك أخرجه، وإلا فهو ماشٍ على ما أصَّل؛ لأن وجود هذه الشروط لا ينافي ما اشترطه.
وسمى ابن خزيمة كتابه "المسند الصحيح المتصل بنقل العدل عن العدل من غير قطع في السند ولا جرح في النقلة".
وهذا الشرط مثل شرط ابن حبان سواء؛ لأن ابن حبان تابعٌ لابن خزيمة، مغترفٌ من بحره، ناسجٌ على منواله.
ومما يُعَضِّدُ ما ذكرنا: احتجاجُ ابن خزيمة وابن حبان بأحاديثِ أهل الطبقة الثَّانية اللذين يخرج مسلم أحاديثهم في المتابعات، كابن إسحاق، وأسامة بن زيد الليثي، ومحمد بن عجلان، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وغير هؤلاء.
فإذا تقرر ذلك عرفتَ أن حكم الأحاديث التي في كتاب ابن خزيمة وابن حبان صلاحية الاحتجاج بها لكونها دائرة بين الصحيح والحسن ما لم يظهر في بعضها علة قادحة.
وأما أن يكون مراد من يسميها صحيحة أنها جمعت الشروط المذكورة في حَدِّ الصحيح فلا، والله أعلم". اهـ. كلام ابن حجر.
وعلَّق السخاوي في "فتح المغيث" (١/ ٣٧) على قول العراقي في "ألفيته": "والبستي -يعني: ابن حبان- يداني الحاكما" يعني في التساهل، بقوله:
"وذلك يقتضي النظر في أحاديثه أيضًا؛ لأنه غير متقيد بالمعدَّلين، بل ربما يخرج للمجهولين".