وذلك أنه يبني تصحيحه على كثير من هؤلاء، فوجب التفتيش في أسانيده، وعرْض رجالها على موازين التعديل المعتبرة عند جمهور أهل العلم.
ولا شك أن "صحيحه" يشتمل على جملة من أحاديث هؤلاء، يجب ألا تندرج تحت اسم الصحيح لعدم تحقق شرط العدالة المعتبر عند أئمة النقد.
وأما الاتصال فلم يبيِّن ابن حبان شروطه في إثبات صحة السماع على نحو الخلاف المشهور في: هل الواجب تحقق اللقاء ولو مرة، أم الواجب تحقق المعاصرة مع الخلوِّ من التدليس والقرائن الدالة على عدم السماع؟
وعلى هذا فالأمر يحتاج إلى استقراء وتتبع لمنهجه في ذلك، وهل يتقيَّدُ ابن حبان بكلام المتقدمين في ذِكْر عدم سماع الرواة بعضهم من بعض، أم أن له اجتهاد خاص في ذلك؟
فإنا نرى ابن حبان لا يكاد يذكر في كتبه كثيرًا من الأئمة الذين عليهم مدار النقد في باب الجرح والتعديل والاتصال والانقطاع ونحو ذلك من أحوال الرواة التفصيلية.
وأما الضبط، فقد نصَّ ابن حجر أن ابن حبان لم يشترطه، كما سبق، لكن في قول ابن حبان:"فإن كان -يعني: الراوي- يروي من حفظه فليكن عالمًا بما يحيل المعاني" إشارةٌ إلى اعتباره للفرق بين أن يروي الراوي من كتابه أو من حفظه، وإلى تلميحه لاحتمال خطأ الذي يروي من حفظه إذا لم يكن عارفًا بمقتضيات الألفاظ ومدلولاتها.