للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال القرطبي: قوله: "قوتًا" أي: ما يقوتهم ويكفيهم؛ بحيث لا يشوشهم الجهد ولا ترهقهم الفاقة، ولا تذلهم المسألة والحاجة، ولا يكون أيضًا في ذلك فضول يخرج إلى الترف والتبسط في الدنيا والركون إليها.

وهذا يدل على زهد النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا، وعلى تقلله منها، وهو حجة لمن قال: إن الكفاف أفضل من الفقر والغنى. انتهى من "المفهم".

قال النووي: وفي الحديث فضيلة التقلل من الدنيا والاقتصار على القوت منها والدعاء بذلك. انتهى.

قال القرطبي: ومعنى الحديث: أنه طلب الكفاف؛ فإن القوت ما يقوت البدن ويكف عن الحاجة، وفي هذه سلامة من آفات الغنى والفقر جميعًا.

وقال القاري في "المرقاة" (٩/ ٢٠): وحكم الكفاف يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال؛ فمنهم: من يعتاد قلة الأكل حتى إنه يأكل في كل أسبوع مرة، فكفافه وقوته تلك المرة في كل أسبوع.

ومنهم: من يعتاد الأكل في كل يوم مرة أو مرتين، فكفافه ذلك أيضًا؛ لأنه إن تركه .. أضر ذلك ولم يقو على الطاعة.

ومنهم: من يكون كثير العيال، فكفافه ما يسد رمق عياله.

ومنهم: من يقل عياله، فلا يحتاج إلى طلب الزيادة وكثرة الأشغال، فإذًا: قدر الكفاية غير مقدر، ومقداره غير معين، إلا أن المحمود: ما به القوة على الطاعة والاشتغال على قدر الحاجة.

وهذا الحديث علم من أعلام النبوة، وقد أجاب الله سبحانه وتعالى هذا الدعاء؛ فإنه ترى عترته صلى الله عليه وسلم من زمنه إلى زماننا هذا ليس في أيديهم غير الكفاف الذي لا يموت به صاحبه، والكفاف لا يستطيع دونه، ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>