يذكر روايةً، ولو سُلِّم له قولُه: أن يطلق السَّرَبُ على كل بيت .. كان قولُه هذا حَرِيًّا بأن يكون أقوى الأقاويل، إلا أن السرب يقال للبيت الذي هو في الأرض.
وفي "القاموس": السرب: الطريق، وبالكسر: الطريق والبال والقلب والنفس والجماعة، وبالتحريك: جُحْرُ الوحْشِيِّ والحفيرُ تحت الأرض. انتهى.
فيكون المراد من الحديث: المبالغة في حصول الأمن له، ولو في بيت تحت الأرض ضيق؛ كجحر الوحش، أو التشبيه به؛ في خفائه وعدم ضياعه.
(عنده قوت يومه) الحاضر؛ أي: كفاية قوته من وجه الحلال .. (فكأنما حيزت له الدنيا) بصيغة المبني للمجهول؛ من الحيازة؛ وهي الجمع والضم؛ أي: جمعت، والضمير في:(له) عائدٌ لـ (من) في قوله: (من أصبح منكم) رابط للجملة المذكورة هنا للجملة السابقة؛ أي: فكأنما حيزت الدنيا وجمعت له.
وزاد في "المشكاة": (بحذافيرها) قال القاري: أي: بتمامها؛ والحذافير: الجوانب، وقيل: الأعالي، واحده حِذْفَار، أو حُذْفُور.
والمعنى: فكأنما أعطي الدنيا بأسرها، كذا في المرقاة (٩/ ٤٧).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الزهد، باب في وصف من حيزت له الدنيا.
ودرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث أبي هريرة الأول بحديث آخر له رضي الله تعالى عنه، فقال: