للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا .. فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ".

===

(هو) أي: ذلك الوصف (أهله) أي: لائق بالله تعالى من سائر الكمالات، (ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله) تعالى؛ أي: دليلان على وجود الحق تعالى وقهره وكمال إلهيته، وقد خصهما بالذكر؛ لما وقع للناس من أنهما ينخسفان لموت عظيم، وهذا إنما صدر ممن لا علم عنده ممن ضعف عقله واختل فهمه، فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليهم جهالتهم، وفي ضمن ذلك الرد على من قال بتأثيرات النجوم.

ثم أخبر بالمعنى الذي لأجله ينكسفان؛ وهو أن الله تعالى يخوف بهما عباده؛ لأن ذلك مذكر بالكسوفات التي تكون بين يدي الساعة، ويمكن أن يكون ذلك الكسوف منها، ولذلك قام صلى الله عليه وسلم فزعًا يخشى أن تكون الساعة، وكيف لا؟ وقد قال الله عز وجل: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ} (١)، وخص هنا خسوفهما بالتخويف؛ لأنهما أمران علويان نادران طارئان عظيمان، والنادر العظيم مخوف موجع، بخلاف ما يكثر وقوعه؛ فإنه لا يحصل منه ذلك غالبًا، فلما وقع فيهما من الغلط الكثير للأمم التي كانت تعبدهما، ولما وقع من الجهال من اعتقاد تأثيرهما. انتهى من "المفهم".

(لا ينكسفان لموت أحد) من الناس كإبراهيم ابنه صلى الله عليه وسلم، (ولا لحياته) أي: لحياة أحد من الناس وولادته؛ كولادة شرير، ذكره تتميمًا للمقابلة، كما مر، (فإذا رأيتموهما) أي: رأيتم كسوف الشمس وخسوف القمر .. (فافزعوا) -بفتح الزاي من باب فرح- أي: التجئوا وتوجهوا (إلى الصلاة) المعهودة الخاصة


(١) سورة القيامة: (٧ - ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>