الفصل السابع عشر
*سلطنة كلوة الإسلامية
[٣٦٥ - ٩١١هـ = ٩٧٥ - ١٥٠٥م]:
قامت هذه السلطنة نتيجة هجرة قدمت من «شيراز» بفارس، كان على
رأسها «على بن حسن بن على» وأبناؤه الستة، حيث كانوا على
متن سفنهم بما فيها من بضائع بقصد التجارة، ولما وصلوا إلى
«جزيرة كلوة» التى تقع أمام الساحل الشرقى لإفريقيا، وهى ضمن
دولة «تنزانيا» الآن، استقروا فيها منذ عام (٣٦٥هـ = ٩٧٥م)، ووفد
عليهم كثير من العرب، وكان هؤلاء الوافدون يفضلون المعيشة فى
الجزر لسهولة الدفاع عنها والاعتصام بها إذا ما حاول الأهالى
الساكنون فى البر الإفريقى الاعتداء عليهم، وعند وفاة «على بن
حسن بن على الشيرازى» كان نفوذه يمتد إلى مدينة «سوفالة» فى
الجنوب، وإلى «ممبسة» فى الشمال، وبعد وفاته اعتدى الأهالى
على ابنه، واضطروه إلى الفرار إلى «زنجبار» عام (١٠٢٠م) وبعد
قليل جمع السلطان المطرود جنوده وعاد بهم إلى «كلوة» ودخلها
مرة ثانية، وازدهرت المدينة خلال القرن التالى بسبب تجارة العاج
والذهب الذى كان يُصدَّر من «سوفالة» التى تقع جنوب نهر
«الزمبيرى»، أى جنوب «كلوة» وحرمت «مقديشيو» من تلك التجارة
التى كانت تحصل عليها من «سوفالة»، وخاصة فى عهد السلطان
«داود بن سليمان» سلطان «كلوة» (١١٣٠ - ١١٧٠م)، وبذلك صارت
الزعامة السياسية والاقتصادية لكلوة، ويعتبر القرنان الثانى عشر
والثالث عشر الميلاديان هما العصر الذهبى لتلك السلطنة الزنجية
الإسلامية، فقد أصبحت «كلوة» عروس الشاطئ الإفريقى، وقام
سلطانها بسك النقود، وقد عثر فى «كلوة» و «مافيا» و «زنجبار»
على نحو (١٠٠٠٠) قطعة نحاسية من هذه النقود.
ولما كان مؤسسو «كلوة» الأوائل من الشيرازيين الفرس، فلا غرو أن
يكون لهم تأثير كبير على أسلوب الحضارة الذى ازدهر هناك خلال
القرون من العاشر إلى الثالث عشر الميلادى، فظهر الأسلوب
الفارسى فى البناء بالحجارة، وفى صناعة الجير والأسمنت