الفصل التاسع
*خلافة على بن أبى طالب (٣٥ - ٤٠) هـ
نسبه ونشأته:
هو «على بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف»،
وأمه «فاطمة بنت أسد بن هاشم»، وهى أول هاشمية ولدت
هاشميًّا، وقد أسلمت وهاجرت إلى «المدينة»، وهو ابن عم النبى
- صلى الله عليه وسلم -، وتربى فى بيته، لأن أباه كان كثير العيال
قليل المال، فأراد النبى أن يخفف عن عمه أعباء المعيشة، فأخذ
«عليًّا» ليعيش معه فى بيته، وكان عمره يومئذٍ ست سنوات، فشاءت
إرادة الله أن ينشأ «على» فى بيت النبوة، فوقاه الله أرجاس
الجاهلية، فلم يسجد لصنم قط، وكان أول من أسلم من الصبيان.
صفته:
كان «على بن أبى طالب» ربعة من الرجال، يميل إلى القصر، أسمر
اللون، حسن الوجه واسع العينين، أصلع الرأس، عريض المنكبين،
غزير اللحية، قوى الجسم.
عُرف «على بن أبى طالب» بالشجاعة والعلم الغزير، والزهد فى
الدنيا مع القدرة عليها، وكان واحدًا ممن حفظوا القرآن كله من
الصحابة، وعرضوه على النبى - صلى الله عليه وسلم -، ومن أكثرهم
معرفة بالقرآن وبتفسيره وأسباب نزوله، وأحكامه، وكان من كتاب
الوحى، ولذا اختص فى سيرته بلقب «الإمام» لأفضليته العلمية
والفقهية، وكان أقضى الصحابة رضى الله عنهم جميعًا، واشتهر
بالفصاحة والخطابة وقوة الحجة، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة،
وقد تآخى الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع على بعد الهجرة، ثم
زوجه ابنته «فاطمة»، وأنجب منها «الحسن» و «الحسين»، وهما
اللذان حفظا نسل الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
شهد «على» المشاهد كلها -عدا تبوك - مع رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -، فكان فى طليعة من صرعوا المشركين فى «بدر»، وواحداً
من الذين ثبتوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى غزوة
«أحد»، وحمل اللواء عندما سقط من يد «مصعب بن عمير» بعد
استشهاده، حمله بيده اليسرى، وظل يقاتل بيده اليمنى، وصرع فى
غزوة الخندق «عمرو بن عبد ود» فارس «قريش» والعرب كلها عندما